للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التذبذب في المواقف]

السبب الثالث عشر: التذبذب في المواقف، كيف يكون التذبذب في المواقف؟

إنه عدم معرفة المنهجية، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} [النساء:١٤٣] مرة مستقيماً ومرة منحرفاً، فلا يدرى من أين هو، وهذا من علامة النفاق، وتجده لا يحمل منهج الله عز وجل في قلبه، يرضي الناس بسخط الله، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها تقول: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: {من أرضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أسخط الناس برضا الله، رضي الله عنه وأرضى عليه الناس} مثل ماذا؟

مثل: أنك تمزح وتستهزئ بالآيات، أو بالرسول، أو بالإسلام حتى تضحك جلساءك، هذا سخط لله وإرضاء للناس، فيسخط الله ويسخطهم عليك -ونعوذ بالله من الخذلان- قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:١٤ - ١٥] والاستهزاء وإرضاء الناس بسخط الله عز وجل ظاهرة منتشرة بين أهل النفاق.

كان مع الرسول عليه الصلاة والسلام منافقون في تبوك، فجلسوا يسمرون في الليل، فيقول أحدهم: ما وجدنا كقرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أجبن عند اللقاء -يقصد الصحابة- يقول: كثرة أكل وجبن في اللقاء، فالله- عز وجل- أخبر رسوله بهذا فدعاهم صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنهم خرجوا من الملة وكفروا بالدين وعارضوا الله، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٥ - ٦٦] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة:٧٩] وللآية قصة:

جاء رجل من المؤمنين بصدقة كثيرة عند الرسول عليه الصلاة والسلام ألوف من المال فوضعها أمامه، فتغامز المنافقون في المسجد -انظر في المسجد يصلون، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:١٤٢]- فتغامزوا في المسجد، قالوا: صاحب هذا المال ما أراد إلا رياء وسمعة، وجاء رجل من المؤمنين بحفنة من التمر صدقة فوضعها في المسجد، فقالوا: ماذا تغني هذه الحفنة عن جيش كامل يجهزه الرسول صلى الله عليه وسلم؟! فالله عز وجل قال: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة:٧٩].

يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:١٤ - ١٥].

العرب كانت تحب الصراحة، وتكره المجاملة والنفاق ولو في الجاهلية، يقول أحدهم:

فإما أن تكون أخي بصدقٍ فأعرف منك غثي من سميني

وإلا فاطرحني واتخذني عدواً أتقيك وتتقيني

فإني لو تخالفني شمالي ببغضٍ ما وصلت بها يميني

إذاً لقطعتها ولقلت بيني كذلك أجتوي من يجتويني

<<  <  ج:
ص:  >  >>