للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نزول النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب]

لما أناخت به الراحلة وقف صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! حيهلاً وسهلاً انزل! فقال صلى الله عليه وسلم: لا.

لأنه يعرف أن هذا ليس أول نزول للناقة، ثم قامت ثاني مرة، ثم مضت -قليلاً- ثم وقفت مكانها، فلما نزل صلى الله عليه وسلم قيل: أول من صافحه من الأنصار -وهذه منقبة له- أبو أيوب رضي الله عنه.

ولذلك لما رأى ابن عباس أبا أيوب دخل البصرة دمعت عيناه، وقال: [[والله لأكرمنك كما أكرمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لأسكننك العِلّية هذه الليلة، وأسكن أنا في سفل البيت]] فسكن ابن عباس وهو أمير البصرة، في الدار السفلى وأسكن أبا أيوب في الدار العليا لإسكانه الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزل صلى الله عليه وسلم واغتنم أبو أيوب هذه الفرصة؛ فأخذ رحل الرسول صلى الله عليه وسلم من على الناقة، فكان بنو النجار يقولون: عندنا يا رسول الله! فكان يتبسم ويقول: {المرء مع رحله} أي: المرء مع جهازه ورحله، فأخذ أبو أيوب يمضي أمام الرسول صلى الله عليه وسلم حتى دخل بيته، ثم قال: {يا رسول الله! اسكن في هذا البيت في العلية، قال: صلى الله عليه وسلم: إنني أُريد هذا المكان الأسفل ليكون أرفق لي} ليدخل إليه الناس عليه أفضل الصلاة والسلام ويكون أقرب له، فلما مكث صلى الله عليه وسلم فترة، صادف في ليلة من الليالي أن أبا أيوب رضي الله عنه وأرضاه كان عنده إناء من الماء سقط عليه من العلية، فقام بشملته وزوجته يمسحان الماء خوفاً أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكانوا إذا أصلحوا الغداء والعشاء قال لزوجته: [[لا نأكل حتى يأكل رسول الله]] فينزل الصحفة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيأكل عليه أفضل الصلاة والسلام، فإذا عادت الصحفة بدأ أبو أيوب وامرأته يتمازحان ويتسابقان على آثار الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أكل منه.

وفي اليوم الثاني لما نزل الماء نزل أبو أيوب -وهو ثابت في السيرة- وقال: يا رسول الله! لا أسكن في العلية في دار أنت تحتي أبداً، فارتفع صلى الله عليه وسلم في تلك الدار حتى بنيت له غرفاته عليه أفضل الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>