يقف مرة صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه الكرام البررة الأخيار السفرة، يقف ليتكلم إليهم، ثم يدعو صلى الله عليه وسلم بمنبر له صنع، فيجعل المنبر بجانب الجذع الأول الذي كان يعتمد عليه، وحس هذا الجذع بفراق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، جذعٌ لا ينطق ولا يتكلم، ولا يأكل ولا يشرب، ولا ينفع ولا يضر، لكنه يحن ويبكي على مرأى من الناس ومسمع، يقول جابر:[[والله لقد سمعنا له صوتاً كصوت العشار]] الناقة العشراء إذا فارقت ولدها في الصحراء أخذت تحن، فحنَّ هذا الجذع كحنين هذه العشار، وقالوا: سمعنا له صوتاً كصوت الأطفال، واقترب صلى الله عليه وسلم على مرأى من الناس ومسمع يسكن هذا الجذع، ويضع يده الشريفة العطرة الوقورة على هذا ليقر وليسكن، وسكن؛ لكن
السؤال
لماذا يبكي؟ قالوا: بكى مما فارق من الحكمة التي كان يسمعها، ومن النور الذي كان يتوهج عليه، ومن البركة التي كانت تتغشاه.
وبكى من فراق الحبيب؛ لأنه سوف يخرج من المسجد ويرمى فإذا هو جذع.
وبكى؛ لأنه ما كانت له قيمة حتى أدخل مع محمد صلى الله عليه وسلم، فما ميزته إذاً وهو عودٌ خارج المسجد، حيث دخل بعدها ووقف عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم.