[مصاحبة الولد وغرس الفضيلة في نفسه]
من حقوق الأبناء على الآباء: مصاحبته وغرس الفضيلة والثقة في نفسه.
فلا يكون مسلوب الإرادة، ولا مسلوب الهمة والمكانة، وكثير من الآباء يخطئون في هذا الجانب، فيربون أبناءهم بالسوط والقسر والقوة والعنف؛ فينشأ الابن وقد سلبت إرادته وقوته ومكانته، فينشأ مهزوز الإرادة، لا كلمة له ولا حق ولا قدم.
وهذا عنف لا يورث إلا عنفاً، ولذلك وصف الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى رسوله عليه الصلاة والسلام بالحكمة وباللين، فقال له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] ويوم ساءت هذه التربية في كثير من البيوت؛ نشأ الطفل على أحد شقين أو قسمين: إما عاق لأبيه، مكابر، شاق للعصا، وقاطع للحبل بينه وبين أبيه؛ بسبب العنف والجفاء والسلطة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإما أن ينشأ الطفل ذليلاً مخبتاً، لا مكانة له ولا شجاعة ولا إرادة.
وهذا خطأ وقع فيه كثير من الآباء.
جاء في الطبراني: أن رجلاً أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {يا رسول الله! ابني ربيته، سهرت لينام، وظمئت ليروى، وجعت ليشبع، فلما كبر تغمط حقي، ولوى يدي.
قال عليه الصلاة والسلام: هل قلت في ذلك شعراً؟ فأخذ الرجل يبكي ويقول: نعم يا رسول الله.
قال: وماذا قلت؟ قال: قلت لابني:
غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً تعل بما أجري عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا باكياً أتململ
كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيني تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل
}
وإذا كان الأب جافياً مع أبيه، أو عاقاً لوالديه، فإن الجزاء من جنس العمل.