الفائدة التاسعة: جواز التكلم في خطبة الجمعة بالشئون العامة، وأن خطبة الجمعة ليس لها مراسيم تحددها، وأن هناك قضايا اجتماعية ينبغي على الخطيب أن يطرقها يوم الجمعة، ويتحدث للناس بها، وأنه لا شائبة عليه ولا لائمة، فالرسول عليه الصلاة والسلام تحدث للناس في خطبة الجمعة بشئونهم، وتحدث أبو بكر وعمر في هذه الخطبة عن الخلافة، وهو شأن عام وقضية اجتماعية، فتحدث عنها، فيجوز أن يتحدث الخطيب، بل هو الذي ينبغي، وأن يطرق الخطب التي تناسب العصر، وألا يتقيد بخطبة سلفت، فـ عمر تحدث في موضوع جديد، طارئ على الأمة، فللمسلم أن يتحدث بقضايا العامة، وكان صلى الله عليه وسلم ربما يتحدث في بعض القضايا حتى الأسرية التي بينه وبين أهله وأرحامه.
ففي صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم وقف على المنبر وقال:{يا أيها الناس! ابن أبي طالب -يعني: علياً - قد تزوج بنتي وإن فاطمة بضعة مني، يرضيها ما يرضيني، ويريبها ما يريبني، وإني سمعت أنه يريد الزواج من بنت أبي جهل} يعني أخت عكرمة، وهي مسلمة وأبوها كافر {تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}[آل عمران:٢٧].
{وإن فاطمة يريبها ما يريبني ويرضيها ما يرضيني، فلا أرضى ثم لا أرضى ثم لا أرضى، والذي نفسي بيده لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله تحت سقف واحد، فإما أن يستبقي ابنتي عنده وإما أن يفارقها ويتزوج بنت أبي جهل، فتأثر الناس كثيراً وترك علي رضي الله عنه الخطبة} ثم لم يتزوج عليها كرامة للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أجل عين تكرم ألف عين، ولم يتزوج عليها حتى بعد وفاتها بستة أشهر وكان يزورها دائماً في المدينة، ويترضى عنها، رضي الله عنها وأكرم مثواها، فهي سيدة نساء العالمين عند الله تبارك وتعالى.