للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بعض مكفرات الذنوب والخطايا]

فمعتقدنا أن الموحدين قد يدخلون النار، لكنهم يخرجون برحمة أرحم الراحمين، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مكفرات الذنوب والخطايا عشرة، من فاتته ولم يدرك ولا واحدة، فليبكِ على نفسه ولا يلومن إلا نفسه، وقد شرد على الله شرود الجمل الشارد على أهله، وقد ذكرها في المجلد العاشر والحادي عشر من مجموع الفتاوى.

أولها: المصائب المكفرة.

ثانيها: الحسنات الماحية.

ثالثها: دعوات المؤمنين له.

رابعها: ما يجد في سكرات الموت.

خامسها: شفاعة المسلمين في صلاة الجنازة له.

سادسها: ما يلقى في القبر.

سابعها: هول العرصات، والهول يوم العرض الأكبر.

ثامنها: شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام.

تاسعها: شفاعة الولي، أو شفاعة الصالح من أقاربه.

عاشرها: رحمة أرحم الراحمين.

فإذا فاتته فليبكِ على نفسه.

وأما بعث النار، فإذا جمع الله الأولين والآخرين كما في الصحيحين، قال الله: {يا آدم! أخرج بعث النار قال: يا رب! من كم؟ -أي: من أمته- قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون} فذلك يوم يشيب الولدان {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:٢].

نور الدين محمود زنكي، السلطان الكردي الأيوبي الذي فتح الله به البلاد، وجمع الله به كلمة العباد، كان من أولياء الله الكبار، كان يصلي في الليل، وهو عم صلاح الدين الأيوبي، يقول الحارس إذا أتى نصف الليل أيقظني للصلاة، فأيقظ أطفاله وزوجاته، وجواريه وجنوده، فقاموا يصلون حتى الصباح، استعرض جيشه وهو أكثر من مائة ألف في دمشق، فيه العساكر والدساكر والجنود المجندة، والبنود والأعلام، وكان يعدها لفتح بيت المقدس لكن مات قبل ذلك، فلما كان في يوم المهرجان دخل عليه عالم من العلماء فقال له في قصيدة للسلطان:

مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور

إن قيل نور الدين جاء مُسلِّماً فحذار أن تأتي وما لك نور

حرمت كاسات المدام تعففاً وعليك كاسات الحرام تدور

فغشي على السلطان حتى رش بالماء.

ففي ذاك اليوم، يقول آدم: كم يا رب؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، {فذهل الصحابة وقامت شعور رءوسهم، وقالوا: يا رسول الله! كيف العمل؟ قال: أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، ثم قال عليه الصلاة والسلام ألا ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قالوا: الله أكبر، قال: أما ترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة؟ قالوا: الله أكبر، قال: فأبشروا فإنكم في الأمم التي قبلكم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض} نسأل الله من رحمته.

أما أعمالنا فو الله نحن نعرف أنفسنا، لا أعمال، وهي مدخولة ومشكوكة، وهي عرجاء، ولكن نحن نضع أنفسنا تحت رحمة أرحم الراحمين، أن يتغمدنا برحمته، فلن يدخل أحد الجنة بعمله، ولكن برحمة أرحم الراحمين!

<<  <  ج:
ص:  >  >>