[حكم ضرب الطلاب في المدارس]
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا طالب علم ومدرس للقرآن الكريم، هل يجوز لي أن أضرب الطلبة الصغار للتعليم والأدب حيث قال لي بعض الإخوة: لا يجوز ضربهم.
وإذا قلت يجوز فما دليلكم؟
الجواب
أما مسألة أنك أستاذ قرآن فهذا شرف لك في الحياة الدنيا وفي الآخرة، حياك الله وحيا الله مهمتك، وأنت الآن في المقدمة وفي الدرجة الأولى في المسيرة إلى الله عز وجل {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} وأما مسألة ضرب بعض الطلبة فلك ذلك، وهذا من باب التعزير، وهو باب مستقل بعد أبواب الحدود عند المحدثين والمفسرين والفقهاء، لكن لا بد في هذا التعزير من حكمة.
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى
والتعزير يكون في حالة أن تكون المصلحة المترتبة عليه أكبر من المفسدة الجالب لها، وأنت لك أن تعزر هذا الطالب بشيء من الأدب، ولكن باختلاف الطلبة عندك، ولا تجعلهم في مقياس واحد، طالب مهذب مؤدب يخاف الله ويريد الله وما عند الله، وهو صادق في تعلمه، لكن أخطأ مرة، عثر جواده ونبأ سيفه، فلا تضربه ضرباً مبرحاً كضرب الحمير، هذا ليس من الأدب، وفي حديث حسن يقول عليه الصلاة والسلام: {أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم}.
قال ابن القيم: ليس في الحدود.
وذوي الهيئات هم: أهل القيم والأصالة والإبداع، والخير والهدي المستقيم، هذا إذا أخطأ مرة فقل: عفا الله عنك أأنت تفعل هذا؟!
تأخر عثمان رضي الله عنه وأرضاه يوم الجمعة، فقال له عمر: عثمان وتأتي في هذا الوقت! يقول: ليس غير عثمان! أنت عثمان على جلالتك وقوتك ومكانتك وتأتي في هذا الوقت، قال ابن القيم في مدارج السالكين: موسى عليه السلام أتى بالألواح فألقاها وفيها كلام الله- وهذا خطأ- وأتى إلى أخيه فجره بلحيته وهو نبي- وهذا خطأ- فالله غفر له ذلك، على حد قول الشاعر:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
أما طالب متهتك متهوك، مستهتر مستهزئ، فلك أن تؤدبه بشيء من التعزيز، لكن قد جعل الله لكل شيء قدراً.
القاضي يختار في تأديب الطلاب ألا تزيد عن أربعة أسواط، فلا يضربه أربعين سوطاً كأننا في حدود زنا أو خمر، بل يضرب سوطاً أو سوطين إلى ثلاثة أو إلى أربعة، فإذا وصلت إلى أربعة فأمسك، لكن بعضهم إذا ضرب سوطاً عن عشرة فله أجر عشرة أسواط يعني يضرب بنية صادقة وبإخلاص وبشجاعة وبإقدام كأنه يجاهد مع المجاهدين الأفغان، لكن عليك أربعة أسواط، لكن أسواط ليست على كيفك!