للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مشاركة الدكتور: ظافر بن علي القرني]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد:

شكراً لفضيلة الشيخ/ عائض بن عبد الله القرني على ما أتحفنا به هذه الليلة، وأود أن أختصر ثنائي عليه؛ لأنه يعلم منزلته في قلبي، فإذا أردتَ أن تعرف الإبداع فانظر إلى قصائده، وإلى إسهامه في الشريعة وفي موضوع الشعر، وفي الفقه والتاريخ، وكلها إبداع وأنا سأنبه على نقطة، تخص المتنبي، فإنه قال لابنه أو لخادمه -كما قال بعضهم- لقد قتلتني يـ ابن الأطنابة.

من نقل هذا عن المتنبي؟ ومن الذي ينقذهم من الأعداء؟ ونحن لا ننكر للشعراء، ولا نمدحهم ولا نثني عليهم؛ ولكن لا نريد أيضاً أن يفهم الحضور أن كل من قال شعراً ينصب له كمين لا، فهناك محاكم ومسئولون، وأريد هنا أن أذكر قصيدة لي عنوانها: شعراء قتلوا:

قتلوهم لأنهم أحياءُ وسبوهم لأنهم أغنياءُ

إنما الأمة البيان فقل لي كيف تحيا عوالم خرساءُ

كيف تأتي على اللسان بلفظ عربي تهز منه السماءُ!

ثم تبغي الفلاح! أي فلاح؟! فت جرماً وأخضلته الدماءُ

اندثرنا فكل فك بسيف يطعن الآخرين وهو خواءُ

ما خلقنا إلا سهام عوال وخيول وطعنة نجلاءُ

في صدور الأعداء لا لا وربي في صدور الذين هم أصدقاءُ

زاحمتنا الظنون من كل فج وتناءت في سهمنا الأنواءُ

وبقينا ندكُّ شعباً بشعب وتباكت في صدرنا الأشلاءُ

وسمعنا دواعي الشر فينا وتلهت بنهدنا الأدواءُ

ونرى أننا على أمم الأرض وأن الذي سوانا هباءُ

فانقلبنا بذلة وهوان وازدرتنا الأصحاب والأعداءُ

وجنينا الذي طمعناه مذهبـ ـت دواعي الردى فقيل التقاءُ

وسُحقنا ونحن ننظر شزراً لأخينا فكيف كان الإخاءُ؟!

البرايا تعارفت فتدانت وكأنا من بعضنا غرباءُ

فلها الانحراف في البر والبحـ ـر ونحن نحيبنا والبكاءُ

أكلتنا النيران نيران خصمٍ قوتها الفيزياءُ والكيمياءُ

ورضينا بها جميعاً ولكن أرهقتنا قصيدة عصماءُ

فغضبنا وقام قتل ونهب وتعرت فيحاؤنا الخضراءُ

الموازين والمكاييل طاشت فتغايت غوائلٌ عمياءُ

يا رتيب البيان يا صاحب التبـ ـيان للشعر عدة قحفاءُ

سر لتكتب للسان مضاءٌ ولسان في فكها بكماءُ

لو تساوت صحيحة تقطع الأرضَ وأخرى مريضة عرجاءُ

إيه! يـ ابن الحسين لو عشت عشراً لسرت بالدفاتر الأبواء

ونفحت التاريخ بالواقع المر وبعثرت ما يقول الغثاءُ

وذكرتَ الملوك والهم والقرح وباهى بصوتك الأمراءُ

أنت قدِّرت بالذي يحسب الشعـ ـر نشيداً يستاء منه الغناءُ

لو رأيت الإقدام ما زاغت الأوصـ ـاف واشتد في الهجير الهجاءُ

أو رأيت الإعراض ما كانت الأعـ ـراض تكوى والمعول الدهناءُ

غير أن الخداع وجه مشين والمداجاة خطبة شوهاءُ

قُسِّمتْ مصر بالذي كان كابول وسارت من كربها كربلاء

بكل من عضه الدهر بناب يخر منه البناءُ

إيه! يـ ابن الحسين هذي بلاد تتنامى في خصبها البغضاءُ

والهموس تصان لو تملأ الأرض تهاوت من هولها الظلماءُ

أنت لم تلقَ من عذاب سوى ما قد تلقى الأجداد والآباءُ

وكأني بمن يقول اقبل المو ت ليصطف بعدك البلغاءُ

وإذا زاد بعدنا عن هدى الحـ ـق تبيد الأعداءُ والأدواءُ

فهنا ذرية يذوب له الصهر وثَمَّ ابتسامة صفراءُ

ما لنا أن نقول في الأرض إلا حسبنا الله أيها الشعراءُ

<<  <  ج:
ص:  >  >>