للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العالم المثالي]

{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:٩].

والجواب مسكوت عنه، وتقديره: أنهم لا يستوون، وأن العلماء أفضل، والله يقول: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:٤٣] لا يفهم الآيات البينات، ولا يعقل مقاصد الأمور ولا تأويل الحوادث إلا أهل العلم.

ويقول سبحانه: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت:٤٩] ثم يقول سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:١١].

ولسنا بحاجة يا شباب الصحوة! ويا أبطال التوحيد! ويا حملة الرسالة! لسنا بحاجة إلى أناس يحفظون النصوص، ثم لا يكون لها أثر في واقعهم، وحياتهم، وسلوكهم، وأمتهم، كما سيأتي في العناصر المقبلة إن شاء الله.

حاجتنا إلى عالم يمشي قرآناً على الأرض، يقول سبحانه للرسول عليه الصلاة والسلام، وهو في أول الطريق: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:١٩] قال البخاري في صحيحه: فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، أمة متعلمة.

هل العلم في الإسلام إلا فريضة وهل أمة سادت بغير التعلم

من الذي فتح منائر العقل؟!

من الذي خاطب الضمير بالعلم إلا محمد عليه الصلاة والسلام؟!

لما ثار الفرنسيون على الكنيسة عام (١٨٨٧م)؛ كان سبب ذلك: أن الكنيسة كانت تحارب العلم، كانوا إذا اكتشف مكتشف علماً ذبحوه، أو اخترع مخترع جهازاً؛ قتلوه وشنقوه، وظنوا أن كل دين سوف يحارب العلم حتى الإسلام، ففصلوا بين الإسلام وحياة الناس، وهذا خطأ، والله عزوجل يقول للرسول عليه الصلاة والسلام: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤] لم يطالبه بالتزود من شيء إلا من العلم.

هو العضب المهند ليس ينبو تصيب به مضارب من أردت

وكنزٌ لا تخاف عليه لصاً خفيف الحمل يوجد حيث كنت

يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددت

وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والإِيمَان} [القصص:٨٠] يوجد في الساحة علم بلا إيمان، عندنا دكاترة يحملون رسالة الدكتوراه، لكن لا يصلون الفجر في جماعة!! وعندنا دكاترة قطعوا أرحامهم، ودكاترة استهزءوا بالدين، ودكاترة تهجموا على شباب الصحوة والملتزمين، ودكاترة تجرءوا على اقتحام الشريعة!! أين العلم؟!! {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:٧] وقال تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:٦٦].

إذا ما لم يزدك العلم خيراً فليتك ثم ليتك ما علمتا

وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ فليتك ثم ليتك ما فهمتا

مشيت القهقرى وخبطت عشوى لعمرك لو وصلت لما رجعتا

وإذا لم يصل الأستاذ إلى اليقين، كيف يستمر؟ ولذلك يقول الناظم:

لعلك يا أستاذ ما زرت أحمدا رسول الهدى المبعوث من خير هاشمِ

فوالله لو قد زرته الدهر مرة لما كنت نهباً للقصور القشاعمِ

لما انفصل العلم عن الإيمان، صار العلم طاغوتاً يُعبد من دون الله.

نشرت جريدة الهدف قبل اجتياح الكويت في افتتاحيتها مقالاً تقول: امرأة فنزولية تلد كلباً، ووجد أنه صحيح، عقموا المرأة بمني كلب!! وهل هذا يجوز في الإسلام؟

إنه حرام بالإجماع!! لكنهم ما سألوا الإيمان، عندهم علم، فاخترعوا وتطورا وتقدموا لكن ما ضبطوه بالإيمان، والله تعالى يشترط في العالم أن يكون مؤمناً: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ} [الروم:٥٦].

<<  <  ج:
ص:  >  >>