للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عقبات الالتزام بعد الزواج]

السؤال

هذا سؤال أيضاً له علاقة بالسؤال السابق، يقول سائِلُهْ: تزوجت حديثاً، وقد كنت قبل الزواج أعيش أعزب، يقول: لا أعيش إلا على طاعة الله، وحضور المحاضرات، وبعد الزواج ظهرت بعض المشكلات مع زوجتي، منها: أنها تقول: لقد تزوَّجَتْ متطرفاً أو متصوفاً فأسألك أن تنصحها جزاكم الله خيراً.

الجواب

فُهِمَ السؤالُ، وربما يكون الخطأ منك أو منها، إما أنك حملتها على الأمور التي لا تتحملها من المشقة، أو أنك نَفَّرْتَ ولَمْ تُبَشِّرْ، وعَسَّرْتَ ولَمْ تُيَسِّرْ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {بشِّروا ولا تنفِّروا، ويسِّروا ولا تعسِّروا} وأرسل أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن، فقال: {بشِّرا ولا تنفِّرا، ويسِّرا ولا تعسِّرا} فربما أنك تريد إقامة أمور ليس هذا وقتها، أو أنك تريد أموراً متأخرة في الدعوة، أو في التنفيذ، جعلتها أولويات، ينبغي لك التدرج والحكمة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن، فأمره بالتدرج في الدعوة، فكان الواجب عليك وأظنك لا يفوتك هذا أن تتدرج وأن تبدأ معها بالأصول في الإسلام والفرائض، ثم تأتي إلى هذه الجزئيات والنوافل والآداب، والسلوك، فتأخذها تدريجياً على مر الأيام، أمَّا أن تجرعها التكاليف دفعة واحدة وتريد تنفيذها مرة واحدة، فليس هذا بصحيح، قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله في مقالة -شائقة رائقة، وهي في مقدمة (الظلال) معناها: أن هذا الدين كالشجرة العظيمة، تَنْبُتُ شيئاً فشيئاً، صحيحٌ: أنها تمر عليها الريح، والشمس، وتلفحها الشمس، وربما يعتدي عليها الماء، لكنها تؤسس جذورها، هذا أشبه بالإسلام، ولكن الباطل: كالزرعة التي تنبت كنبت الربيع، تقتلها الشمس، أو يجترفها السيل، أو تحطمها الريح.

فأنت في دعوتك وفي غرس الإسلام في بيتك ينبغي أن تغرسه كالشجرة رويداً رويداً حتى ينمو ويترعرع، ويؤتي أكله.

أو يكون الخطأ منها، وهذا محتمل فقد تكون هي من بيت ما كان يعرف الإسلام إلا صلاة وعمرة وغسلاً من جنابة، ثم أتت إليك ورأت وضعك إسلامياً، وقرباً من الله عزَّ وجلَّ، فأنكرت هذا، فيكون الخطأ منها، فعليها أن تتقي الله، وأن تعينك على نفسها، وأن تتمثل الإسلام، وأن تحمد الله عزَّ وجلَّ أن الله لم يزوجها سكَّاراً مكَّاراً عربيداً، فيشقيها في الدنيا والآخرة، وهذه هي والله الخسارة أن تتزوج من يصدها عن طاعة الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>