وفيه أيضاً من الدروس: أجر من بذل في سبيل الله عز وجل، وأن ما يأكله العبد، أو يلبسه، أو يبنيه؛ إنما هو في قسم الضياع، أما من ادخره عند الله عزوجل فلن يضيع:
يا عامراً لخراب الدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمران
ويا حريصاً على الأموال تجمعها أقصر فإن سرور المال أحزان
ومن الدروس أيضاً: أن على المسلم أن يجاهد بنفسه، وأنه مهما تعرض له من ألم أو أذى أو مشقة أو تشهير أو تبكيت أو تعنيف في جانب الله وفي سبيل الله فهو سهلٌ ميسر، وعذب وزلال.
حتى يقول ابن القيم: "يا ضعيف العزم! ناح في هذا الطريق نوح، وذبح فيه يحيى، وقتل زكرياء وضرج عمر بدمه في المحراب، وذبح عثمان، وقطع رأس علي -لماذا؟ لأنهم حملة المبادئ- وسجن الأئمة، وجلدت ظهور العلماء، وأودعوا السجون؛ لماذا؟ لقوله تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت:٢ - ٣] لا يظن مسلم ولا مسلمة، ولا يظن صالح أو داعية، أو من يحمل هموم هذا الدين أن الطريق سوف تفرش له بالياسمين والورد بل هي بالشوك مفروشة؛ لأن الله أراد أن يمحص أولياءه الذين يريدون طريق الجنة: