للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى التطرف والاعتدال]

السؤال

وردت أسئلة تريد توضيح معنى التطرف والاعتدال، وتطلب نصيحة للشباب الملتزمين الذين تُلْحَظُ عليهم بعضُ مظاهر التشدد.

الجواب

التطرف: له حقٌ وباطلٌ:

حقه: أن هناك صوراً من صور التطرف وجدت في صدر الإسلام، وهي الخروج عن السنة، وكلما زاد أحد الناس على السنة خرج، فالسنة بين الغالي والجافي، والخوارج خرجوا عن السنة؛ لأنهم زادوا.

أولاً: ما أخذوا إلا بما يوافق ظاهر القرآن من السنة.

الأمر الثاني: في قضية الولاء والبراء: والوا أعداء الله، وتبرأوا من أولياء الله، يكفرون علي بن أبي طالب، أحد العشرة المبشَّرين والمشهود لهم بالجنة، ويذبحون عبد الله بن خبيب، ويبقرون بطن امرأته، فيخرج جنينها، ويذبحونه، ويعتذر أحد الخوارج من نصراني أخذ له تمراً من نخلته، يقول: سامحني تمرة لنصراني، ولكنه لا يعتذر من قتل مسلم، ومن تكفير علي بن أبي طالب قدم أهل العراق في عهد ابن عمر، فقالوا: [[يا بن عمر! إذا قتل المحرم بعوضة؟!]] قال: من أين أنت؟ قال: من العراق قال: قاتلكم الله! يا أهل العراق، ذبحتم الحسين بن علي، ابن بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، وتسألونني في بعوضة؟]] فقلة الفكر في دين الله، أو أخذ العبادة منهجاً عملياً بلا علم هو تطرف؛ ولذلك الخوارج لم يدركوا حقائق العلم؛ لمن يكن عندهم فقه في الدين، يصلون ويصومون ويقرءون القرآن؛ لكن ليس عندهم فَهْمٌ ولا فقهٌ ولا حقائق، {تَحْقِرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم، وقراءتكم إلى قراءتهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية} إذاً وُجِد هذا؛ لكنه مَحْمَلٌ باطلٌ للتطرف، وهو ما يشُنُّه علينا أعداء الإسلام، أي: لو استقام شباب الإسلام، وأحبوا المساجد، وقاموا يحملون الدعوة الجماعية والفردية، وينشرون كتب الإسلام، وعظمة الإسلام ومَكْرُمات الإسلام يقولون: متطرفون، وهذا خطأ وباطل، وهذه تهمة لا يمكن أن يُرضى بها، والذين وجهوا التهمة، هم اليهود وأذناب اليهود.

ولو أني بُليتُ بهاشميٍّ خئولته بنو عبد المدان

لهان عليَّ ما ألقى ولكن تعالوا فانظروا بمن ابتلاني

أما الموجود الآن في الصحوة الإسلامية: فصور التطرف قليلة، يلمحها الإنسان من بادئة من الشباب في الاستقامة، يجده أن السنة: وضع اليدين على الصدر؛ لكن هو يريد أن يزيد على السنة، فيضعها على حلقه، وهذا يُخاف عليه أن يختنق، ثم يموت.

آخَرٌ: يريد أن يرصَّ قدميه بجانب صاحبه، فيرصعه رَصْعاً، ليس رَصْاً! والرص شيء، والرصع شيءٌ آخر.

رجل يُحَاجُّ في البسملة، ويقيم الدنيا في الجهر بها، وبالخفوت بها، وفي الإشارة بالأصبع، والأمهات ذُبِحت في كل مكان.

لا نقول لك: تنازل عن الإشارة، فهي سنة، ولا عن البسملة فالإخفات بها سنة؛ لكن أعط كل قضية حجمها، تحجيم القضايا، ومعرفة منازل القضايا من فقه أهل الإسلام، ومن فقه الدعاة، ومن فقه العلماء.

وُجِدَت هذه الأمور! وجد شباب يدخلون البيت، وبيوتهم كانت متخلية عن تعاليم الإسلام، فيريد أن يطبق الإسلام بين صلاة الظهر والعصر، فيقاطع أهله، ويتبرأ من أبيه وأمه من أجل سنة من السنن، حق أبيك وأمك أعظم من هذه السنة، فلا بد من إنزال هذه القضايا منازلها، لكن لا تؤخذ أنها صور (متطرفون، متزمتون، مطاوعة) حتى تغطي، لا.

إن هذه صور نادرة، ولكن الساحة والحمد لله فيها طلبة علم، ودعاة، وفقهاء، وخير كثير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>