إن خلو منطقة من العاملين، الذين يبذلون الجهد والوقت؛ ليؤذن بخطر؛ ولذلك فأنا أقول: أيها الإخوة! ما دام الشيخ قد عدل عن هذه الفكرة وعزم على البقاء هنا من أجل المصلحة فإني أحثكم: أن تحثوا الخطا إليه مهما غلا الثمن وعز المطلب وأن تقطعوا مسافات طويلة، فإن ذلك في سبيل مرضاة الله عز وجل.
أما ما ذكره الشيخ عن الوسطية فإنه أمر نحتاج إليه دائماً لا سيما في هذه الفترة؛ لأننا نعيش في فترة انتشرت فيها الصحوة؛ لكنها تفقد في بعض الأحيان العلم الصحيح الذي يصحح المسار، ويحدد العمل؛ ولذلك نسمع في هذه الأيام تطرف وسواس تشدد، وهذا قد يوجد؛ لكنه نادر؛ وهذه الكلمات لربما تظهر من قوم فوجئوا بهذه الصحوة الإسلامية المباركة وعلى غير انتظار، وجاءهم شباب ملتزم مستقيم على دين الله بعد شرودٍ طويل فظنوا أن هذا هو التطرف، وأنا لا أنكر وجود هذا الشيء لكنه نادر جداً، بل أقل من النادر.
أما ما يقال عن الصحوة الإسلامية: بأن فيها تطرفاً فليس فيها تطرف، بل هذا هو الحق الذي غفل عنه الناس مدة طويلةً من الزمن، فعاد الحق إلى نصابه وموقعه؛ فظن بعض الغافلين، وبعض الناس الذين ليس لديهم الخبرة والمعلومات الصحيحة عن حقيقة هذا الدين أن هذا تطرف، وقد يوجد شيءٌ من ذلك.
ولذلك فكما قال الأخ: إن الأمة الإسلامية أمةٌ وسط، والله تعالى يقول:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة:١٤٣] ومعنى هذه الآية عند المفسرين أنهم عدول؛ لأن الوسط معناه المعتدل، كما قال الله عز وجل:{قَالَ أَوْسَطُهُمْ}[القلم:٢٨] أي: أحسنهم رأياً، إلا أن الوسطية أيضاً يفهم منها المعنى الآخر: وهي الاعتدال بين طرفي نقيض.
فحقاً إن دين الإسلام دينٌ وسط، وهو دائماً بين طرفي نقيض سواء كان في أصوله، أو فروعه، أو سلوكه، أو أخلاقياته، أو آدابه وغير ذلك.