أما المشكلة الأولى والأزمة التي تواجه الكثير من الشباب فهي قضية شهوة الجنس، والعادة السرية، والشكوى منها، حتى إن كثيراً من الملتزمين أو الذين يخبرون عن أنفسهم أنهم التزموا شرع الله تبارك وتعالى لم يستطيعوا تركها، فما الحل لهذه الأزمة؟
الجواب
الحمد لله؛ إن مسألة شهوة الجنس من أعظم الشهوات التي ابتليت بها الأمم، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى قدرها لحكم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر هذا في أكثر من حديث بعدما ذكره الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في القرآن، وأكثر ما تخوفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النساء، فإنها فتنة بني إسرائيل وفتنة هذه الأمة.
فإذا علم ذلك؛ فشهوة الجنس عارمة، وهي تختلف من شخصٍ لآخر بأسباب ومسببات، وبجوامح وبطموحات، ولكن علاجها بأمور منها:
غض البصر وهو أعظمها، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور:٣٠] فغض البصر أعظم ما يمكن أن يعالج به الإنسان شهوة الجنس، فيرد جماحه، وهيجان قلبه، واندفاعه وطموحاته في هذا الأمر والله معه، ومن غض بصره أبدله الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه، وما غض أحد بصره إلا جعل الله له فراسة، قال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}[الحجر:٧٥] والمتوسمون هم الذين عندهم فراسة؛ لأنهم غضوا أبصارهم، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل فقال:{غض بصرك، لك الأولى وليست لك الثانية} هذا علاج.
والعلاج الآخر: الصيام؛ ذكره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للشباب بعد أن ذكره الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في القرآن؛ يقول عز من قائل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:١٨٣] ولم يقل: لعلكم تذكرون أو تعقلون، لأن التقوى سببها الصيام، فهو يكسر النفس ويخضعها ويجعلها منقادة لصاحبها، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:{يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء}.
فأنا أرشد إخواني أن من لم يتزوج أن يكثر من الصوم، بشرط ألا يعطله الصيام عن أمر أوجب منه كطلب العلم، أو الفرائض، أو بعض الأمور المهمة في الدعوة، لكن يكثر من الصيام.
الأمر الثالث: أن يكثر من الذكر؛ لأن هذه الأمور لا تأتي إلا من الفراغ في القلب، فإذا فرغ القلب فكر في هذا الأمر.
والأمر الرابع: أن يشغل نفسه بالنافع المفيد، لأنه إذا وجد فرصة الفراغ وسوس وخطرت له الخطرات.
أما الصحيح في العادة السرية ذكر ذلك ابن تيمية وغيره من أهل العلم، قال: والواجب اجتنابها، واستدلوا على ذلك بقوله سبحانه تعالى:{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون:٧] فحرمت وحرمها كثير من أهل العلم لهذا، ولم يصح في إباحتها ولا في حلها حديث، فليتق الشاب الله عز وجل في هذا الأمر، وليكثر من الذكر وتلاوة القرآن والدعاء خاصة إذا سجد:(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) وفي الأسحار وفي أدبار الصلوات، فإذا هداه الله وجهه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وعليه بأن يتخلى ثم يتحلى، فالتخلية قبل التحلية، فهذه المجلة الخليعة سبب من أسباب هيجان الجنس الأغنية الماجنة وجلساء السوء المفاتن كثرة النزول إلى الشوارع والنظر إلى النساء لأن بعض الناس ولو من الشباب المستقيم همه دائماً النزول إلى الشوارع، والطوفان بالبلد، لا لغرض وإنما لأتفه الأغراض، ولو حفظ وجلس في غرفته وقرأ وسبح وهلل لكان أحسن وأقوم سبيلاً، وإذا وجد فراغاً فليذهب إلى المسجد، أو إلى أحد الصالحين، أو أحد الدعاة أو العلماء أو طلبة العلم، هذا ما يحضرني والله أعلم.