الوقفة الثانية: معنى قوله تعالى: (اذكروا الله ذكراً كثيراً)
وهنا كلام لأهل العلم، في معنى قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً} [الأحزاب:٤١] متى يكون الإنسان من الذاكرين الله كثيراً؟
يقول ابن الصلاح: من ذكر الله في الصباح وفي المساء بالأذكار الشرعية المأثورة عن معلم الخير، فهو من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: [[ذكر الله كثيراً أن تذكره في الليل والنهار، وفي الحل والترحال، وفي السراء والضراء]].
وقال ابن تيمية: من داوم على الأذكار الشرعية التي علمها معلم الخير عليه الصلاة والسلام وذكرها، كذكر دخول المسجد والخروج منه، ودخول الخلاء والخروج منه، والاستيقاظ والنوم والبدء بالطعام والانتهاء منه، ولبس الثوب وغيرها فهو من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
وقال بعض العلماء: ذكر الله كثيراً ألا يجف لسانك من ذكره.
والدليل على ذلك حديث عبد الله بن بسر في الترمذي وأحمد بسند صحيح، قال: {جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله}
قالوا لأحد الصالحين وهو في سكرات الموت: اذكر الله.
قال: ما نسيته لأذكره.
وكان الجنيد بن محمد رحمه الله -وهو من أولياء الله الصالحين- في سكرات الموت يقرأ القرآن، قالوا: أنت مشغول بالموت عن القرآن، قال: ومن أحوج الناس إلى العمل الصالح إلا أنا.
وقال سبحانه في كتابه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢].
يقول أحد الصالحين: والله إني أعلم متى يذكرني ربي، قالوا: متى يذكرك ربك؟ قال: إذا ذكرته.
يقول سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢].
هل تذكرونا مثل ذكرانا لكم رب ذكرى قربت من نزحا
واذكروا صباً إذا هادى بكم شرب الدمع وعاف النزحا
أيها الإخوة الأبرار: ذكر الله في الكتاب على أضرب، إذا ذكر الذكر مطلقاً فمعناه التسبيح والتهليل والتحميد، ويذكر مقيداً ويبين القيد الذي ذكره الله معه.