الصفة السابعة: الاقتصاد في المعيشة، وعدم الإسراف في المأكل والمشرب، والملبس والمسكن، قال سبحانه:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}[الإسراء:٢٧] وقال سبحانه: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام:١٤١] وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}[الفرقان:٦٧] والنفقة المطلوبة على قدر الزوج؛ إن كان غنياً فبحسبه، وإن كان متوسطاً فبحسبه، وإن كان فقيراً فبحسبه، ونحذر من بعض السفيهات في المجتمع، الجاهلات اللواتي شكا أزاوجهن منهن شكاية رهيبة، وتحملوا الديون من أجل هؤلاء السفيهات، تحمل زوجها دائماً سيارة فاخرة، وتكلفه أن يغير ذهبها كل سنة، وأثاث وكنب البيت، وعمولة وأثاث المطبخ كل سنة، أهذه امرأة؟! فيتحمل ديوناً للناس، وراتبه لا يغطي دخله، فيصبح راتبه شذر مذر بين الماء والهواء، والكهرباء والهاتف، والخس والجرجير، واللحم والفواكه، والضيف والملابس، ولعب الأطفال والبسكويت، وهذه المرأة الهرارة الجرارة الخوارة، لا نقول: جرارة من باب الجرارة، لا.
لكنها جرارة الكلام، ونعصم ألسنتنا أن نتعدى على حق امرأة مسلمة، لكن: اللهم مازل اللسان من خطيئة فاجعله حسنات، واعصم أمهات المسلمات واجعلهن مؤديات، فإني أعلم أن نسبة هائلة في المجتمع قد استقمن واتجهن إلى الله.
وإني رأيت في الثانويات، وسمعت من بعض المسئولين خبراً عظيماً: صحوة في جانب النساء، وحجاباً مطبقاً، وسنة هادئة وشريطاً، وكتاباً إسلامياً، ودعوة مخلصة، فلك الحمد يارب! صحوة في الرجال وصحوة في النساء.
لكن أبشر هذا الكون أجْمَعه أنا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهَّر القرآن أنفسهم كالأسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا بتوبة لا ترى في صفه جنبا
فلذلك أُحَذِّر من الإسراف والتبذير وإرهاق شباب الإسلام، خاصة مَن ليس عنده دخل، وليس عنده طائل من المال، وليس عنده مرجع يرجع إليه، أن ترهقه، بل ترضى بمقسوم الله، وتعلم أن ركعتين خير من ملذات الدنيا وذهبها وفضتها.
وشكر الله لامرأة مسلمة سمعنا عنها أنها قدمت حليها للمجاهدين الأفغان، وكنا في أمريكا في أوكلاهوما، فأتت امرأة معها ثلاث بنات، وقد دعا داعية من المسلمين بالتبرع للمسلمين في فلسطين، في هذه الانتفاضة المباركة، فتبرعت المرأة بذهبها وبذهب بناتها للانتفاضة، فبكى الحاضرون، وكان لها دعوة بظهر الغيب.
وهذه من أمثال عائشة بنت أبي بكر الصديق، الصديقة بنت الصديق، قالوا: دفع لها معاوية مائة ألف درهم في يوم واحد فتصدقت بها ونسيت نفسها، وكانت صائمة فما اشترت بدرهم واحد إفطاراً، وأفطرت على التمر والماء:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران:١٩٥] هذا هو العالَم الخالد، وهذا هو الإسلام الراشد، وإنما أحذر من بعض الصور، ولا يسمع السامع أنه قد فسد الناس، {ومن قال: هلك الناس فهو أهلكهم} كما عند مسلم في الصحيح.
فهذا الذي يقول دائماً: سمعنا بالفواحش وينثرها في الناس، ويستقرئ الخبر ويستمرئه ليس بصحيح:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النور:١٩] فالناس في خير واتجاه واستقامة؛ ولا يعني ذلك أن الناس خلصوا جميعاً، بل هناك تقصير، ومعاصٍ، وفجور، نشكو حالنا فيه إلى الله.