[التوبة من الصغائر والكبائر وفضول المباحات]
تجب التوبة من الصغائر والكبائر من الذنوب والخطايا، بل قال بعض أهل العلم: يتاب من الكبائر والصغائر وفضول المباحات.
ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة} كما روي في صحيح مسلم؟ قال بعضهم: الغين: غشاء يقع على القلب؛ ليس من الذنوب، ولكن من كثرة مخالطة الناس، فلصفائه صلى الله عليه وسلم وتقواه ظهر الغين عليه، أما نحن فغانت ورانت، وطبعت وأصبحت كالجبال؛ لأن الثوب الأبيض تظهر فيه النقاط، أما الثوب الأسود فلو طليته بالقار لما ظهر عليه شيء.
يا بن الذين سما كسرى لجمعهم فجللوا وجهه قاراً بذي قار
والمستجير بـ عمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار
قيل لـ ابن الجوزي: الأحسن عندنا الاستغفار أم التسبيح؟ قال: الثوب الوسخ لابد له من الغسل قبل الطيب.
فالتسبيح مثل الطيب وأما الغسل فهو الاستغفار، فنحن نحتاج إلى غسل واستغفار ولا بأس أن نسبح.
ويتاب من التقصير؛ فإن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يرفع رسوله صلى الله عليه وسلم دائماً منزلة بعد منزلة، فكانوا يقولون: إنه كان دائماً يستغفر من المنزلة السابقة التي كان فيها عليه الصلاة والسلام.
وهناك نكتة ذكرها صاحب الوابل الصيب: في مسألة من دخل الخلاء ثم خرج وقال: غفرانك! وفي الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {غفرانك!}.
فما هو السر؟
الجواب
لأهل العلم رأيان:
الرأي الأول: غفرانك بسبب التقصير في تركنا التسبيح في أثناء قضاء الحاجة، انظر إلى أولياء الله حتى في أثناء قضاء الحاجة لما سكتوا استغفروا لأنهم قصروا!
والرأي الثاني: قيل: غفرانك لأننا ما أدينا شكر النعمة، أطعمتنا وأخرجت الطعام ولو بقي الطعام لقتلنا.
قصص التائبين كثيرة ولا أعيدها فقد تكررت في دروس ومحاضرات، ومنها: من قتل مائة نفس فغفر الله له، وكثير من الشباب يعرضون رسائلهم حول موضوع التوبة، ومنهم من يقول: أنا ليس لي توبة، أنا ما تركت خطأً إلا ارتكبته، وتأتي رسائل محترقة ملتهبة، فنقول: أأنت أكثر جرماً ممن قتل مائة نفس معصومة وتاب الله عليه؟ ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم تبت إلى الله غفر الله لك، ومن أحرق نفسه غفر الله له لأنه خاف لقاء الله عز وجل.
وهنا كثير من الناس يسأل عن الذي يتوب ثم يعود، وقد تعرضت لها فيما سبق قبل كلمات، فأنا أرى أنه يتوب دائماً فسوف يكفر عنه الذنب إذا صدق، فإذا عاد من جديد فقد طويت الصفحة الماضية، وافتتح سجل جديد، فكأن الذي انصرم قد فات، وأمامه ذنب جديد، فيتوب منه.