[إغراق الله لفرعون]
فما هو الشاهد؟
الشاهد أن فرعون دخل فلما دخل وقعت الورطة! دخل الأرنب في المصيدة، فلما خرج بنو إسرائيل من البحر دخل فرعون بآل مصر وبالظلمة الذين معه {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف:٥٤] فلما اجتمعوا ما خرج الأول ولا بقي الآخر؛ ارتمى عليهم البحر، يقولون: إنه يقول بعد أن أصبح في الطين وهذا ثابت في سورة يونس: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٩٠] قال الله: {آلْآنَ} [يونس:٩١] بعض الناس لا يؤمن إلا في الشدة!
أحد الناس أهوج أحمق سفيه تجادل هو وأمه، قال: صلي على النبي، قالت: والله ما أصلي عليه -أستغفر الله- فضربها بالمحماس الذي يقلى فيه البن في رأسها، فقالت: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم!
يقول موسى لفرعون وهو في الصحراء: قل: لا إله إلا الله؛ قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:٣٨].
قال: قل لا إله إلا الله، قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي} [الزخرف:٥١].
قال: قل لا إله إلا الله، قال: {أنا ربكم الأعلى} [النازعات:٢٤].
فأتى به الله فلما دسه في الطين قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٩٠] قال الله: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:٩١] انظر إلى بني إسرائيل دائماً يلاحقون موسى بالتكذيب، فلما نجا بنو إسرائيل قال موسى عليه السلام: فرعون أهلكه الله.
قالوا: والله ما أهلكه الله.
قال: أستغفر الله، بل أهلكه الله.
قالوا: ما أهلكه الله، اعطنا جثة فرعون.
فلفظ البحر جثته فرأوه فقال تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس:٩٢] فهو لا زال محنطاً، ويقولون: إنه لا يزال إلى الآن في الأهرامات.
إذا تباهى إلى الأهرام منهزم فنحن أهرامنا سلمان أو عمر
فهم يفتخرون الآن بالأهرامات التي فيها الفراعنة، ونحن مجدنا ومجد أهل مصر من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، من دخول عمرو بن العاص في ذلك اليوم المشرق الذي أطلت فيه مصر على الهداية، من الأزهر المعمور، من أهل العلم والمعرفة والدعوة لا من الفرعونية والقبطية والثقافة الخاسرة الكافرة المتزندقة التي لا تعرف الله.
يقولون: إنه لا يزال محنطاً، ونقول: سواء كان محنطاً أو غير محنط، فقد لقي عذابه {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦].