[علامات التوبة الصحيحة]
إخوتي في الله! للتوبة الصحيحة علامات، وهي التي ترفع ضعف الإيمان:
منها: أن يكون العبد بعد التوبة خيراً منه قبل التوبة، فقد سئل شيخ الإسلام العلامة ابن تيمية -رحمه الله-: هل يكون العبد بعد التوبة مثله قبل الذنب؟ قال: قد يكون مثله أو أعلى أو دون ذلك، وهذه بحسب الأمور، وقد يكون -يا أيها الشاب- ذنب من الذنوب تلم به, سبباً لسعادتك في الدنيا والآخرة، ولا تعجبوا من هذا، قال الحسن رحمه الله: "إن المؤمن ليذنب الذنب فما يزال كئيباً باكياً حتى يدخل الجنة".
وقال سعيد بن جبير: [[رب عاملٍ عمل ذنباً ما زال الذنب بين عينيه حتى دخل الجنة]] فهذا شأن بعض الصالحين؛ أنهم أذنبوا وأخطئوا, فبكوا وتقطعت قلوبهم، حتى دخلوا بتوبتهم جنة عرضها السموات والأرض.
ومنها: ألا يزال الخوف من الله مصاحباً لك ليلاً ونهاراً.
قرأت في ترجمة سفيان الثوري: أنه كان إذا أراد أن ينام تقلب على فراشه يبكي خائفاً وجلاً، قال: أتذكر القبر بالفراش.
كلما أتى إلى فراشه ولحافه, تذكر ظلمات القبر وهول ذاك المكان الذي لا بد أن ننزله جميعاً.
والقبر فاذكره وما وراءه فمنه ما لأحد براءة
وإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال فلا يشتبه
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران
إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده
وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ
ومن علامات التوبة الصحيحة: انخلاع القلب؛ أن يكون قلبك منخلعاً من خوف الله متقطعاً, قال الله تعالى: {لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:١١٠] قال الثوري: تقطع بالتوبة، لا يمكن أن يخرجوا من هذا الذنب إلا أن تقطع قلوبهم بالتوبة.
ومن علامات التوبة: أن ينكسر قلبك تواضعاً لله, فإن أنين المذنبين عند الله خير من إجلال العابدين, وبعض الناس يتكبر بفعل الخير، وبالحسنات والأعمال الصالحة حتى تلحقه في درجة الجبروت على الله، وبعضهم ينكسر بالذنب ويبكي ويتقطع ويخشع لربه حتى يكون هذا الذنب سبب سعادته عند الله -عز وجل-, وفي الحديث الصحيح: {أن رجلاً -من بني إسرائيل- قال لأحد المذنبين: تب إلى الله.
قال: اتركني وربي.
قال: والله لا يغفر الله لك.
قال الله عز وجل: من الذي يتألى علي، أشهدكم أني غفرت لهذا وأحبطت عمل هذا}.
ومن علامات التوبة: أن تلزم ما يرضي ربك -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- من قراءة القرآن، وأن تلزم الطاعة حتى يأتيك اليقين, كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩] فلم يجعل الله -عز وجل- أجلاً في العبادة إلا بمسألة واحدة حتى يأتيه الموت, فليست العبادة شهراً ولا شهرين ولا ثلاثة ولا أربعة ولا سنة ولا سنتين, إنما هو عمر مستمر حتى نلقى الله -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- بذلك.