جلس عمير بن وهب في مكة تحت ميزاب الكعبة مع صفوان بن أمية بن خلف، يتحدثون فيما بينهم، ولكن الواحد الأحد نقل الحديث إلى المدينة مباشرة، إلى محمد عليه الصلاة والسلام، قال: في ليلة كذا وكذا في مجلس كذا وكذا، قال عمير وصفوان كذا وكذا.
يقول صفوان: يا عمير، أما ترى ماذا فعل بنا محمد؟ قتل أبناءنا في بدر، وقتل أرحامنا وأقاربنا، أتكفيني إياه؟ قال: أريد قتله لكن من يقوم بأهلي وأطفالي ومالي؟ قال: الهدم هدمي والدم دمي، أذهب وأنا أكفيك أهلك، فأخذ سيفه فسمه شهراً حتى أصبح السيف أزرق، ثم ذهب إلى المدينة، وقد سبقه الخبر إلى المدينة.
وأتى وهو متوشح سيفه، فرآه عمر وهو في الطريق -وتعرفون عمر - فعرف الشر في وجه عمير، فتقدم عمر إلى عمير، فأخذه بتلابيب ثوبه وبمحامل سيفه، ثم اقتاده بيده وكان عملاقاً رضي الله عنه.
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
رمى بك الله ركنيها فهدمها ولو رمى بك غير الله لم يُصِبِ
فالله رمى بـ عمر أهل الشرك فهدمهم، وأخذ عمير بن وهب يصيح: يا محمد، انظر ماذا فعل بي عمر؟ قال: يا رسول الله، هذا الشيطان ماذا أتى به؟ فأجلسه عند الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال: ما الذي أتى بك يا عمير؟ قال: أتيت في الأسارى أفاديهم، أي: الأسارى المحابيس من بدر، قال عليه الصلاة والسلام: بل جلست أنت وصفوان تحت ميزاب الكعبة، قبل أيام وقال لك صفوان كذا وكذا، وقلت له كذا وكذا، فقال ١٠٠٠٩٩٢>عمير: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.
هؤلاء منهم من اهتدى بمعجزة، ومنهم من أعرض، وأكبر ما يعرض المعرض لكبره وعتوه، ولذلك تجد الدعوة تسري في المتواضعين أكثر مما تسري في المتكبرين.