من المسائل التي وردت معنا يقول آدم عليه السلام لموسى:{وأعطاك كل شيء} هنا يمدح آدم موسى فيقول: {أعطاك كل شيء} يقول ابن حجر: هذا عام يريد به الخصوص، ونحن نعرف أن الله عز وجل لم يعط موسى كل شيء، ما أعطاه فضلاً مثل محمد عليه الصلاة والسلام، ولا أعطاه الشفاعة الكبرى، ولا ختم به الرسل، ولكن المعنى: أعطاك كل شيء مما تقبله أنت أو مما أعطاك، مثل قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للملكة بلقيس كما في سورة النمل قال:{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل:٢٣] مع العلم أنها لم تؤت من هذه الوسائل العصرية، لا التلفون ولا طائرة، ولا صاروخ ولا سيارة، ولا أوتيت حتى من ملك سليمان، ليس عندها من الجن من يصنعون لها جفان كالجواب، وقدور راسيات، وما آتاها الطير، وما كان لها الريح، وما سخر لها بعض الأمور، لكن هذا عام أريد به الخصوص، يعني مما تقبل، أو مما يقبل الملك أو يقبله الملك.
مثل ذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف:٢٥] الريح هذه هل دمرت كل شيء؟ لا، ما دمرت السماء الأرض، ولا دمرت الهواء، وإنما قال:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف:٢٥] وبعدها يدل على أنه لم يرد به كل شيء، قال:{فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف:٢٥] بقيت المساكن، فدمرت ما يقبل التدمير.
ولك في العموم أن تقول: جاء الناس ما بقي منهم أحد، من كثرتهم وقد بقي منهم ألوف مؤلفة، أو تقول: ذهب الناس للحج جميعاً وما بقي أحد وقد بقي منهم ألوف مؤلفة، فهذا إذا رأيته في القرآن فهو من العام الذي أريد به الخصوص، وقد يراد بالخصوص العموم في سور أخرى، وهذا مكانها في كتب أصول الفقه.