للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التحية في الجنة هي السلام]

فتحية أهل الجنة السلام: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} [إبراهيم:٢٣] {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٣ - ٢٤] وعند البخاري عن أبي هريرة: {أن الله لما خلق آدم، طوله ستون ذراعاً في السماء، قال: اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة فسلم عليهم، فذهب فسلم، فقال: السلام عليكم، فقالوا: عليك السلام ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، قال الله له: هذه تحيتك وتحية ذريتك من المؤمنين} أو كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فالتحية في الجنة سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته.

ألا تريد أن يجمعك الله بأطفالك وبناتك وأهلك في الجنة؟ ألا تريد أن تسلم عليهم ويسلمون عليك؟ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:٢١].

بعنا النفوس فلا خيار ببيعنا أعظم بقومٍ بايعوا المختارا

فأعاضنا ثمناً ألذ من المنى جنات عدنٍ تتحف الأبرارا

وطلب الجنة من مقاصد أهل السنة والجماعة خلافاً للصوفية وغلاتهم، الذين قالوا: نحن نعبد الله ولا نريد الجنة ولا نخاف من النار، إنما خدمة له، والله يقول في كتابه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٣] وقال عن الصحابة: {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} [الفتح:٢٩] وقال عليه الصلاة والسلام كما عند ابن ماجة بسندٍ حسن: {هل من مشمرٍ إلى الجنة إلخ} فالجنة من المقاصد.

وقد ورد أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحم الله تلك العظام- دخل على أحد السلاطين، اسمه ابن قطلوبك سلجوقي، فقال له السلطان: يـ ابن تيمية! يقولُ الناس: إنك تريد ملكنا وملك آبائنا وأجدادنا، قال: ملكك؟! قال: نعم.

قال: والله ما ملكك وملك آبائك وأجدادك يساوي عندي فلساً، إني أريد جنةً عرضها السماوات والأرض.

فمن أراد رضوان الله لا يتلمح للدنيا أبداً.

قال سعد بن أبي وقاص: [[لما حضرنا معركة أحد، قام عبد الله بن جحش وهو من شباب الصحابة، فقال: يا رب! اللهم إنك تعلم أني أحبك، اللهم فإذا حضرنا المعركة فلاق بيني وبين عدوٍ لك شديد حرده، قوي بأسه، فيقتلني فيك، فيبقر بطني، ويجدع أنفي، ويقطع أذني، ويفقع عيني، فإذا لقيتك يا رب يوم القيامة في هذه الصورة، وقلت لي: يا عبد الله! لمَ فعل بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب!! قال: فانتهت المعركة، قال سعد: فوالذي نفسي بيده، لقد رأيته قد قتل وبقر بطنه، وجدع أنفه، وفقئت عيناه، وقطعت أذناه]].

<<  <  ج:
ص:  >  >>