للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أدعية نوح عليه السلام]

وأما نوح عليه السلام، فإنه دعا بأدعية، لكن كانت أدعيته مؤثرة، فإن نوحاً عليه السلام عاش ألف سنة في الدعوة إلا خمسين عاماً، تحمل وصبر ودعا ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية، دعا بكل وسيلة، وفي الأخير ماذا يتحرى من هؤلاء الجثث الهامدة الفجرة، ماذا يتحرى؟ {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً} [نوح:٢٦ - ٢٧].

يقول: يا رب! خذ أولادهم معهم، ما يأتي الولد إلا مثل أبيه.

تلك العصا من هذه العصية لا تلد الحية إلا حية

فيقول: يا رب! أخرجهم من الدنيا جميعاً، لا تترك حتى أطفالهم؛ لأنهم لا يهتدون، أنا جربتهم.

حتى يقول صلى الله عليه وسلم: {أما أنت يا عمر! فمثلك كمثل نوح} لأنه استشارهم في أسارى بدر يقول: ما رأيكم؟ قال أبو بكر: احلم واعف عنهم يا رسول الله! إخواننا وأبناء عمومتنا وأقاربنا، قال: وأنت يا عمر؟ قال: يا رسول الله! ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض، هذا السيف واقتلهم، واعط العباس سيفه يقتل قريبه، وأعطني سيفاً أقتل أقاربي، فكان الرأي رأي عمر والإقرار على رأي أبي بكر، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: {أما أنت يا أبا بكر! فمثلك كمثل إبراهيم عليه السلام، وكمثل عيسى، أما أنت يا عمر! فمثلك كمثل نوح ومثل موسى} فنوح قال: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً} [نوح:٢٦ - ٢٧].

<<  <  ج:
ص:  >  >>