ومنها: أن يثني على أهل الخير، ويشكر من قدم صالحاً، فإن المسلم والداعية إذا أثنى على أهل الخير، عرفوا أنه يعرف قدرهم، وأنه لا يترك الجميل بلا جميل وبلا شكر، ولا يترك المخطئ بلا إدانة وبلا تنبيه، فكأنك لم تفعل شيئاً، بل لابد أن تقول للمحسن: أحسنت وللمسيء أسأت، فكبار السن يحبون منك أن تحتفل بهم، وأن تعرف أن لهم حق سن الشيخوخة وأنهم سبقوك في الطاعة، وأنهم أسلموا قبلك، وأنهم دخلوا في الدين قبلك بسنوات، فتعرف لهم قدرهم، وكذلك العلماء والقضاة، وأعيان الناس وشيوخ القبائل، ونحو ذلك من أهل الفضل، وأهل المواهب، كالشعراء والكتبة الإسلاميين، ومن له بلاءٌ حسن، والتجار الذين ينفقون في سبيل الله عليك أن تظهر لهم المنزلة وتشكرهم على ما قدموا، حتى تحيي في قلوبهم هذا الفعل الخير.
وكان عليه الصلاة والسلام يقول على المنبر:{غفر الله لـ عثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم} وكان يقول: {ألستم تاركو لي صاحبي} -يعني أبا بكر الصديق - وكان يشكر عمر ويخبر ما رأى عن عمر، وكان يقول:{سمعت دف نعليك يا بلال البارحة في الجنة} ويقول: {دخلت الجنة البارحة فرأيت الرميصاء} ويثني على هذا ويمدح هذا، ويشكر هذا، فإن هذه من أساليب التربية، وليست من التملق في شيء.