[السبب الأول: تذكر المنة بإرساله صلى الله عليه وسلم]
تذكر منة الله عز وجل على الناس بإرساله صلى الله عليه وسلم، فمن نحن لولا الله سبحانه ثم إرسال رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن نحن لولا أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أمدنا بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن نكون؟ وماذا عسى أن نفعل في الحياة لولا أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ابتعث منا خيرنا وأشرفنا، وسيدنا، وأكرمنا، وأفصحنا, وأعلمنا، وأتقانا لربه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى فهدانا إلى الله، ومن نحن إذاً؟ كنا أعراباً رعاة الشاة لا نعرف شيئاً، كان العرب في تلك الفترة يزنون، ويشربون الخمر، ويسجدون للحجارة، ويأكلون الجعلان، وتضحك منهم الأمم، في جوع لا يعلمه إلا الله، وفي فقر وذلة، ومهانة، وفرقة، وشحناء وحقد، وحسد، وفي جاهلية جهلاء، فلما أراد الله أن يرفع رايتهم، وأن يعلي حظهم، وأن يجعلهم سادة للأمم، وأن يجعلهم من أهل الجنة، وأن يرفع منزلتهم عنده، وأن يجعل منهم الصديقين، والشهداء، والصالحين والعلماء والأخيار؛ ابتعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فهداهم إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فأول سبب يمكن أن نحب به الرسول صلى الله عليه وسلم: أن نتلمح المنة بإرساله عليه أفضل الصلاة والسلام، نتذكر هذا الفيض الإلهي العظيم الذي أمدنا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى به، وجعلنا من خير أمة بسبب رسالته صلى الله عليه وسلم.
يقول البوصيري:
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا من العناية ركناً غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم
فأكرم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وأكرم الأمم أمته عليه أفضل الصلاة والسلام، حتى أنه يروى في بعض التفاسير: أن موسى عليه السلام لما رأى ما أعد الله لأمة محمد قال في الأخير: "يا رب! اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم".
ومصداق ذلك: ما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {والله لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي} فلو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباع محمد صلى الله عليه وسلم.