هذه سيرته صلى الله عليه وسلم, ولما أخذته حليمة السعدية وكان طفلاً، كانت تدخله في الخيمة في الليل, وكانوا في بادية بني سعد في نواحي الطائف , فكان يخرج وينظر إلى النجوم متفكراً عليه الصلاة والسلام, من أبدع النجوم؟ من خلقها؟ من سوَّاها؟ من رفعها؟
ويقول كما في صحيح مسلم:{إني لأعرف حجراً في مكة كان يسلم عليّ بالنبوة قبل أن أبعث} كان يمر يرعى الغنم، فإذا مر بحجر في الطريق, قال الحجر: السلام عليك يا رسول الله, هذا قبل أن يبعث عليه الصلاة والسلام, إلى غير ذلك من أخباره العظيمة.
بل جعل ابن تيمية من أعظم دلائل نبوته: أنه عاش ثلاثاً وستين سنة ما كذب كذبة، ولا خان خيانة، ولا فحش ولا بدرت منه بادرة, بل كان على السداد حتى لقي الله عز وجل.
هذه قطاف من سيرته صلى الله عليه وسلم, وأزيد مسألة وهي أنه ما شرب الخمر في مستقبل حياته أبداً, لم يشرب كأساً واحداً, وكفار قريش كانوا يشربون كلهم الخمر, وكانوا يعاقرون الخمر عند الحجر الأسود, أما هو فعصمه الله من شرب الخمر، ولا سجد لصنم أبداً, ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يذكر حياته وذكرياته الأولى، يذكر ذلك لزملائه ولأصحابه بعد أن بعث بالرسالة يقول: كان في بيت آل فلان عرس -وهو يرعى الغنم، وهو شاب صلى الله عليه وسلم - قال: فسمعنا طرباً -معناه: حفلة شعبية, زيراً -وكمنجة ووتر وعود وأهل مكة كانوا أهل طرب- قال: فقال لي أحد الرعاة: أمسك عليك غنمك، وتذهب لتسمع وتحضر، ثم تمسك غنمي وأذهب وأسمع وأحضر, قال صلى الله عليه وسلم: لا بأس, فأمسك الرجل غنم الرسول صلى الله عليه وسلم، وذهب صلى الله عليه وسلم فلما اقترب ألقى الله عليه النوم في الطريق فما استفاق إلا من حرارة الشمس وما سمع صوتاً ولا حضرها؛ لأن الله أراد أن يسدده ليكون رسولاً للعالم، ولذلك ما وجدوا فيه مدخلاً بل تكلموا بكلام ليس له أساس من الصحة, فزاده الله عز وجل بذلك شرفاً ومكانة.