[سنة الأذان في أذن المولود وفوائده]
من السنة أن يؤذن في أذن الطفل ولكن لا صلاة، أذان بلا صلاة، ويصلى عليه إذا مات صلاة الجنازة، ولكن بلا أذان، فالأذان يوم ولد والصلاة أخرت إلى أن مات، دليل على أن الفترة قصيرة جد قصيرة، أدركها من أتت عليه سكرات الموت {قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام:٣١].
ويولد الطفل على التوحيد، على كلمة لا إله إلا الله، فما من طفل في العالم إلا ويولد وفي قلبه لا إله إلا الله محمد رسول الله، أول ما يقع رأسه على الأرض، يقع على العقيدة الحية، وعلى الرسالة الخالدة، يقع موحداً مؤمناً على الفطرة، قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم:٣٠] لا يولد شيعياً ولا علمانياً ولا يهودياً ولا نصرانياً، ولكن يولد الطفل حنيفاً مسلماً، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه} إذاً فهو مسلم، أول ما يولد الطفل أو الطفلة على هذا الدين الحنيف الذي أتى به رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو دين الأنبياء والرسل عليهم صلاة الله وسلامه، فإذا وقع الطفل في الأرض كان من هديه عليه الصلاة والسلام أن يؤذن في أذنه، والحديث في الأذان في أذن الطفل سنده حسن عند أبي داود وغيره.
أذن الرسول عليه الصلاة والسلام في أذن الحسن، ابن بنته وسبطه عليه الصلاة والسلام، فينادي في أذنه بالنداء الخالد، هذا الذي نعلنه كل يوم خمس مرات من على منائرنا، مبادؤنا تعلن واضحة جلية جهاراً نهاراً من على المأذنة، كل يوم خمس مرات يقول في أذنه: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله حيا على الصلاة حيا على الصلاة حيا على الفلاح حيا على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
هل سمعتم كلاماً أجمل من هذا، هل سمعتم رسالة وتعليماً أروع من هذا؟!
قال أهل العلم: إنما أذن عليه الصلاة والسلام في أذنه لمقاصد.
منها: أن يلهمه الله التوحيد وأن يكون على الفطرة.
منها: أن الأذان إعلان للإسلام.
منها: أن الأذان يطرد الشيطان، وفي السنة إذا أحسست بوجود جن أن تؤذن فإنهم يهربون من الأذان، كما صح ذلك عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام.
أما الإقامة فحديثها ضعيف، ولكن يكفي الأذان الذي يخترق الأذن ليصل إلى القلب، فيغرس أشجاراً من الإيمان واليقين والإخلاص، وطفل ينزل من بطن أمه فيتلقى بالأذان طفل سعيد في الحقيقة، وطفل طيب الأعراق، وطيب الأصل والمنشأ بإذن الله.
أما الطفل الذي يستقبل بالموسيقا، أو يستقبل بالهتاف الماجن، أو بألعوبات سخيفة، أو بالهوايات الماجنة التي رمي بها أطفالنا، كان الطفل في عهده عليه الصلاة والسلام يربى على حب العقيدة، على أن يبذل روحه رخيصة في سبيل الله، على أن يشتري جنة عرضها السموات والأرض بميثاق من الله، فأتت التربية السخيفة فجعلت من الطفل إذا قوبل قال: هوايته جمع الطوابع، والمراسلة، وصيد الحمام.
عجباً لهؤلاء الأطفال مالهم صدوا عن الفطرة! أهكذا تربية أسامة وابن عباس وابن عمر، الذين امتطوا صهوة التاريخ, ونطقوا على لسان الزمن بلا إله إلا الله محمد رسول الله؟!