الفرضيات الآن المنتظرة للاتحاد السوفيتي بعد انهيار الشيوعية ثلاث فرضيات وثلاثة احتمالات:
الأول: إما أن تعود الشيوعية إلى وضعها، وهذا احتمال ضعيف، وإن عادت فسوف تعود مهترية وسوف تحكم بالحديد والنار فترة، ثم تذهب إلى غير رجعة، وهي إنما تتمالك صراحة بالحديد والنار، يوم يكون الحديد قوياً والنار ملتهبة والبطش جبروتياً سوف تبقى، ويوم يضعف هذا فسوف تنهار، يمكن أن تعود، من يدري؟ ولذلك لا يغتر الشيوعيون العرب الذي أرسلوا برقيات وهنئوا أنها إذا عادت أنها سوف تطبق الدنيا، لا.
أصل الشيوعية في الصين قبل ثلاث سنوات أراد أهلها أن يخرجوا من ثيابهم، لكن أمسكوهم في معرض العدالة، بل هو الظلم الذي في بكين، وسحقوهم بالحديد والنار، وطوقوهم بالدبابات، وطاردوهم في الحدود ومنعوهم، وسوف يخرجون كما خرج الناس في الاتحاد السوفيتي، وقد قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}[هود:٨١] وهذه سنة الله عز وجل.
والاحتمال الثاني: جمهوريات منفصلة وهذا الواقع الآن، ويقول: إنها كارثة، هي كارثة لهم كدولة عظمى، لكنها للإسلام والمسلمين نسأل الله أن تكون أملاً وطموحاً، أن تأتي هذه الجمهوريات وتعلن حكم الله في الأرض, هي تملك رءوساً نووية، وتملك طاقات هائلة وتجارب ومصانع، وتكون قوة للإسلام وللصحوة، وتكون الخاتمة والعاقبة للذين آمنوا، والعاقبة للمتقين، وليس على الله بعزيز سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
وقد ذكر الداعية الكبير الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله، في كتابه في التفسير وفي بعض أشرطته، أنه ينتظر وأنه ليس على الله بعزيز أن تحول قوى الأرض بيد الإسلام في فترة من الفترات، فيسيِّر بها ثقافة الإنسان وحضارته، ويحكم بها الإنسان، ثم يدمغ بها الباطل، وهذا أمر قد يحدث، ولا نستغربه ولا نستبعده.
احتمال ثالث: موافقة بينهم وبين الغرب على نظام ليبرالي مؤقت، وهذا مثل التعايش السلمي، أن يكون بينهم تنسيق وتعايش سلمي، يبقى هؤلاء ويبقى هؤلاء على نظامهم الذي ارتأوه في مثل مالطا، وفي مثل غيرها من اللقاءات، وفي مثل هنسكي على أن يعيشوا على وفاق دولي، وأن يسكت بعضهم عن بعض، ولكن هذا لن يستمر، وأنا أقول: لعل الله عز وجل يجعل من هذه الأحداث صلاحاً للإسلام: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}[النساء:١٩] وإن العالم الآن لينتظر من المارد يسمونه هم المارد كما يسميه زويمر، لكن أسميه أنا الفجر والفتح، وهو الإسلام أن يكون هو التجربة للإنسان وهو الذي يعيده إلى ربه سُبحَانَهُ وَتَعَالى، لأنه هو حكمه سُبحَانَهُ وَتَعَالى وهو الذي سنه للناس وهو أدرى بطموحات الإنسان وطاقاته وآماله وحاجياته, والله يقول:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة:٥٠] فلا أحسن من الله حكماً! ولا أحسن من الله تربية! ولا أحسن من الله نظاماً! ولا أحسن من الله ترشيداً! والشرف العظيم للإنسان أن يتصل بالله، حتى يذكر كثير من العلماء يقول: الشرف أن يتصل الفاني بالباقي والضعيف بالقوي، والفقير بالغني، فنسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته.