والجراد في القرآن والسنة خلقه الله نعمة وعذاباً، نفعاً وضراً، فأذنب قوم فجعل نكالهم في الجراد، قال سبحانه وتعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ}[الأعراف:١٣٣] فالجراد عقوبة أرسلها الله على قوم فرعون.
واختلف أهل العلم: هل هو من البحر أم من البر؟
والذي عليه كثير من السلف أنه نثرة ينثرها البحر فهو فصيلة من فصائل الأسماك، وشكله يوحي أنه قريب من السمك فكأنه من فصائل السمك، وسبحان الخالق عليه توكلت وإليه أنيب!
وفي السنن أن الرسول عليه الصلاة والسلام -والحديث ضعيف في سنده عبد الرحمن بن أسلم - قال:{أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالجراد والحوت}.
إذن الجراد مباح وهو أكل عند الأمة الفقيرة التي ليس عندهم مزارع، فإذا هبط عندهم كان نعمة أن يأكلوا منه، كما يفعل الناس قبل أربعين أو خمسين سنة؛ كانوا يتغذون به؛ لأنهم في الجزيرة العربية ليس معهم إلا الصخور والتراب، لكن الأمم التي عندها مزارع وقمح وشعير وذرة، فمن أنكب النكبات وجود الجراد عندهم، فهو نعمة عند قوم ليس عندهم مزارع (فقراء) وهو نقمة عند أهل المزارع والله عز وجل قد ينعم بالبلوى وقد يبتلي بالنعمة:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
والله عز وجل خالف آياته ولكن لمن يتدبر، فجعل في بلد الجفاف حتى أكلوا الميتة، وحتى ما وجدوا شيئاً يأكلونه ابتلاء، فلما اشتد عليهم الجفاف هلكوا ومات منهم الكثير، ثم أتت الفيضانات فطمَّت وعمَّت حتى غرق من بقي في الماء، فسبحان من جعل يوماً جفافاً حتى أصبح مهلكاً ودماراً، وخسفاً ونكالاً! وسبحان من جعل يوماً فيضاناً حتى صار خسفاً ودماراً ونكالاً!
والجراد يؤكل لحديث ابن أبي أوفى في الصحيح:{غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أو ستاً كنا نأكل معه الجراد}.