المسألة السابعة: غسل اليد والفم قبل وبعد الطعام، وهذا لا بأس فيه فإنه من عادات العرب قبل الإسلام، وعادات العرب أجمل من عادات غير العرب، لا نقولها من باب العصبية ولا الحمية؛ لأن هناك غير العربي من هو أفضل من العرب:{فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}[الأنعام:٨٩] لكن ابن تيمية يقول: إذا لم نجد أصلاً فلا نتشبه بغير العرب، لكن في حديث سلمان، قال:{يا رسول الله! إني وجدت في التوراة أن من بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده، قال عليه الصلاة والسلام: نعم، من بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده} روى هذا الحديث أبو داود والترمذي وسنده ضعيف فيه المعلى بن راشد.
قال ابن قتيبة رحمه الله: الوضوء قبل الطعام معناه غسل اليدين، هذا الوضوء عند العرب، توضأ، أي: أن تغسل يديك، وقيل: أن تمسح وجهك كذلك، والصحيح: أنه على فرض صحة الحديث فمعناه: الوضوء غسل اليدين كما قال ابن قتيبة، وعلى ضعفه فالحمد لله ضعف الحديث فلك أن تغسل يدك من باب الأدب.
وأما عمر رضي الله عنه فإنه قضى حاجته وأتى وقد قدموا السفرة الخوان ليأكل رضي الله عنه وأرضاه وهو خليفة، فقال له رجل من أهل اليمامة من بني حنيفة: يا أمير المؤمنين! أتأكل ولا تتوضأ، قال: أجئت بهذا من عند نبيك مسيلمة؟! أي: أتيت بهذا الحديث من عند نبيك مسيلمة؟! كيف لا يعلم عمر رضي الله عنه، وهو ثاني خلفاء الإسلام، وحصن من حصون هذا الدين.
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
فيعلمه السنة، يقول: جئت بهذا الحديث من عند مسيلمة؟
أي: لو كان من عند محمد صلى الله عليه وسلم كنا عرفناه، فأكل، وقالوا لـ ابن عمر: ألا نقدم لك وضوءاً تتوضأ قبل أن تأكل، قال: لولا التغطرس لما غسلت يدي، ذكر هذا الحديث عن ابن عمر ابن الأثير في المجلد السادس من كتاب جامع الأصول.
إذاً: فغسل اليد وارد إذا كانت وسخة، وهو من بركة الطعام إن شاء الله؛ إذا كان هذا الحديث قائماً على أرجله.