أكبر فتنة أن يعرض الإنسان عن آيات الله، وعن بيته، وعن رسوله، وعن منهجه، فإذا أصيب بالإعراض رماه الله عز وجل بالخزي والعذاب في الآخرة، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه:١٢٤ - ١٢٦] وأهل العلم يقولون: من أراد الهداية وجدها، ويقول ابن القيم: من أصلح في شبابه تغمده الله في شيخوخته بالرضوان، ويقول المثل الصيني: الخط الذي طوله ألف ميل يبدأ بخطوة، أي: تمشي أنت فيه بخطوة.
قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩] والله عز وجل يقول: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:٢٣] كيف يهتدي من لا يأتي إلى المسجد؟!
كيف يهتدي من يسمع آيات الله ويعرض عنها؟!
إذاً: أخبر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن من أسباب الفتن ومن أعظمها: الإعراض عن منهجه وعن آياته، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في قرية آمنة مطمئنة:{لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ}[سبأ:١٥ - ١٦] ونحن أشبه ما نكون بتلك القرية، نحن في نعيم لا يقدره إلا من كتبه وأنزله، نحن في رخاء وفي أمن وأمان، فكيف نحفظ هذا الأمن والرخاء؟ نحفظه في طاعة الله، بشكر الله وبعدم الإعراض عن منهجه، يأتيك أحياناً معرض أصابه قلق ويأسٌ ويشكو إليك يأسه وقلقه، فتقول: هل تصلي الفجر في جماعة؟ يقول: لا.