قال جابر بن سمرة: شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر فقالوا: لا يحسن أن يصلي، ما وجدوا أن يقولوا: أخذ أموالنا، وهو يسكن في بيت من الطين في غرفة على خصف النخل، أم يقولون: ضربنا وهو ما ضرب إلا في سبيل الله، أم يقولون: أخذ كرامتنا أو سفه أحلامنا، ما يجدون من ذلك شيئاً، فقال عمر: يا أبا إسحاق! لقد شكوك حتى في الصلاة، فهل تحسن تصلي؟ ويتبسم عمر ويعرف أن الذي يعلم الأمة هو سعد وأمثاله: قال سعد: سبحان الله! أصبحت بنو أسد تعيرني بالصلاة، والله الذي لا إله إلا هو لقد أدخلتهم في الإسلام بسيفي هذا -يقول: أنا الذي أدخلتهم في الإسلام، أنا الذي علمهم الصلاة- قال: ماذا تفعل في الصلاة؟ قال: أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين، قال عمر: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق]].
أنت عندنا العدل الثقة، والذي يتكلم فيك هو آثم دجال، وإنما يتكلم في الإسلام وفي الرسالة وفي المنهج الرباني، روى هذا البخاري ومسلم وأحمد والطيالسي وأبو داود والنسائي.
شكوه فأراد عمر أن يتبين وأرسل محمد بن مسلمة يمر في المساجد والجوامع يصلي بالمسجد وسعد بجانبه ويقول: يا أهل المسجد! إنكم شكوتم سعد بن أبي وقاص فماذا تنقمون عليه؟ فكلهم يثني عليه، فقام شيخ في المسجد من بني عبس فقال: أما إنك إن سألتنا فإن سعداً لا يمشي في السرية -يقول: يتخلف عن الجيش، ويرسل أبناءنا وهو في بيته- ولا يحكم بالسوية -أي: لا يعدل- ولا يعدل في القضية فقام سعد يدعو -تخصصه الدعاء- فقال:[[اللهم إن كان كذب وقام رياء وسمعة فأطل عمره وفقره وعرّضه للفتن]] فأطال الله عمره حتى زاد على المائة، وأطال الله فقره حتى ما وجد حفنة من شعير يأكلها، وسقط حاجباه على عينيه فكان يتعرض للبنات في سكك الكوفة ويغمزهن ويقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد.
والحديث في البخاري وهذه علامة الصدق، فالكاذب كاذب يلبسه الله رداء الكذب، ويجعله مدحوراً بكذبه حتى يلقى الله، ولعذاب الآخرة أبقى وهم لا ينصرون.