للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[علامات عدم اليقين باليوم الآخر]

إن من علامات التسويف وعدم اليقين باليوم الآخر: الركون إلى الدنيا والتلذذ بها، وطلب طول العيش والبقاء، حتى إن البعض يهرب من الموت، ولا يحب مرور ذكره على مسمعه؛ لأنه تنغيص للحياة.

وتجد بعض الناس يتضايق كثيراً يوم تعاد عليه أنباء الموتى، وأخبار القبور والوعيد والزجر في القرآن، ويقول: دعونا نأكل ونشرب في أمنٍ وسعادة.

إن بعضهم ركن إلى وظيفته ومنصبه وحياته؛ حتى نسي اليوم الآخر تماماً، ولو كان يصلي، ويزكي، ويَحج ويعتمر.

قيل للفضيل بن عياض: كيف ذكرك للآخرة؟ قال: والله ما رفعت رجلاً إلا ظننت أني لا أضعها.

وقال الربيع بن خثيم: إنني أنتظر الموت مع تردد الأنفاس.

كلما أُخرِج نفساً أرى أن الله سوف يقبض روحي قبل أن يعود إليَّ النفس.

هذا فارق بيننا وبين السلف، ومن أعظم ما يذكرنا لقاء الله واليوم الآخر، تدبر القرآن، والوقوف مع آياته، وعجائبه، وزيارة القبور التي شهدت مصرع العظماء والزعماء والأغنياء والشرفاء والنبلاء.

أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر

تفانوا جميعاً فما مخبر وماتوا جميعاً ومات الخبر

فيا سائلي عن أناس مضوا أما لك فيما مضى معتبر

تروح وتغدوا بنات الثرى فتمحو محاسن تلك الصور

هذه قضيته عليه الصلاة والسلام الثانية الكبرى مع قضية التوحيد، قضية البعث والنشور، والتي آمن بها بعض الناس بلسانه ولم يؤمن بها وجدانه وعمله.

فنسأل الله لنا ولكم إيماناً صادقاً، ويقيناً ثابتاً، وإسلاماً واضحاً، وثباتاً على الحق حتى نلقى الله.

عباد الله! صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى عليَّ صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً}.

اللهم صل على نبيك وحبيبك، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين.

وارض اللهم عن أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم اجمع كلمة المسلمين، ووحد صفوفهم، وخذ بأيديهم لما تحبه وترضاه يا رب العالمين.

اللهم اهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وثبتنا على الحق حتى نلقاك.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، التي تدلهم على الحق وتجنبهم الباطل.

اللهم أصلح شباب المسلمين.

اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون لإعلاء كلمتك في كل مكان.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>