للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصيدة للشيخ عائض بعنوان: (بين الأمس واليوم)]

وهنا قصيدة قلتها في هذه الأحداث بعنوان: (بين الأمس واليوم) قلت فيها:

صوتٌ من الغور أم نورٌ من الغار أم ومضة الفكر أم تاريخ أسرار

هذه في مدح الرسول عليه الصلاة السلام، وهو أعظم من مدحي، وأقول كما قال أحمد شوقي لما مدح الرسول عليه الصلاة والسلام:

أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك غير أن لي انتسابا

يقول: أنا تطفلت على جنابك الشريف.

صوتٌ من الغور أم نورٌ من الغار أم ومضة الفكر أم تاريخ أسرار

يا عيد عمري ويا فجري ويا أملي ويا محبة أعمار وأقطار

تطوي الدياجير مثل الفجر في ألَقٍ تروي الفيافي كمثل السلسل الجاري

الشمس والبدر في كفيك لو نزلت ما أطفأت فيك ضوء النور والنار

أنت اليتيم ولكن فيك ملحمة يذوب في ساحها مليون جبار

فما لقومي بلا وعيٍ قد انتكسوا أصغوا لصيحات عربيدٍ وخمار

ما جاءهم من صلاح الدين موعظة فما انجلت عن حماهم وصمة العار

هم الأسود ولكن في حظائرهم هم الثعالب عند الفاتك الضار

لهم لموعٌ ولكن لا شموس لهم لهم سلاحٌ ولكن غير بتار

جمع الطوابع من أسمى هوايتهم أعلى مفاخرهم من يوم ذي قار

الشاربون دماء الجيل في دعة الراقصون على ناي وأوتار

الساهرون على كأسٍ وأغنية العاكفون على طبلٍ وقيثار

هل حرروا القدس من صهيون أو حضروا يوم الوغى وارتدوا أسياف أحرار

هل طهروا المسجد الأقصى وهل طهرت أكفهم ويحهم ليسوا بأطهار

هل أعلنوا الحرب إسلاماً وتضحيةً هل واصلوا سيل سلمان وعمَّار

تبرأت منهم الأجيال وانسحبت جيوشهم وعليها وصمة العار

وطاردتهم جيوش البغي فانحسروا يروون ملحمةً للقط والفار

تبكي المنابر منهم كلما هتفوا لأن في يدهم سكين جزار

عروبة ليس للإسلام في دمها وحيٌ وليس عليها فطرة الباري

عروبة برئت منها جحافلنا ما لم تتوج بإيمانٍ وأذكار

أروي حياة رسول الله أبعثها شذاً تفوح بآمالٍ وأزهار

يخشى إعادتها لصٌ ويحذرها نذلٌ تربى على أنغام غدار

لأن مجد رسول الله تذكرة على جبين العلا كالكوكب الساري

عدلٌ وفضلٌ وإحسانٌ ومرحمة وحيٌ ونورٌ وتخليدٌ لأعمار

يغرد المجد في بستان شرعته في هيبة النور لا تغريد أطيار

أصحابه عبروا التاريخ وانتصروا وحدثوا طلعة الدنيا بأسرار

في قندهار دماء من عروقهم تكفي طموحاً لمهزومٍ ومُنهار

سل نخل بيسان والحمراء ما فعلوا اقرأ مكارمهم يا أيها القاري

ثم اكتفينا بآمالٍ وفلسفة نيل العجائز أو أخبار سُمَّار

عاش الفريق ولا ذلٌ يفارقه تيجان أوهام لا تيجان أحرار

عاش اللواء وكم قد باع ألوية قالوا عقيد ولا عقدٌ لختار

فن الهزيمة سهلٌ كم تعلمه جيش الموسيقى بطبلاتٍ وأزيار

أبكي وأضحك من أفعال صبوتهم يا ألف صدَّام بل يا ألف عمَّار

شادوا الدنانير هالات مزخرفة جمَّاعُها لا يساوي ربع دينار

يبيع قيمته بالرخص من سفهٍ والدين ينهار منه في شفاً هار

دروسٌ من هذه النكبة في عالم الأدب، النكبة التي حلت بشعب الكويت حلت بكل مسلم، أمن وسكينة وهدوء في الليل وفي الصباح دمار.

يا راقد الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا

هذا بشار يقول: يا نائم على الأغنية والموسيقى ربما تصحو على دبابة ومن يدريك!

أليس الصبح بقريب؟! {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:١١٢].

يقول عبد الله بن المبارك الزاهد العابد الولي أمير المؤمنين في الحديث: قصيدة عدي بن زيد خيرٌ عندي من قصر طاهر بن الحسين.

وطاهر بن الحسين أمير عباسي كان في خراسان له قصرٌ عجيب، لكن القصيدة التي يقول فيها عدي بن زيد والتي ذكرها ابن كثير وابن خلكان وأثنوا عليها ثناءً حسناً يقول:

أيها الشامت المعير بالدهـ ـر أأنت المبرأ الموفورُ

يا من يعرينا بالمصايب! يا من يعيرنا بالنكبات! أتظن أنك سوف تسلم: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} [إبراهيم:٤٥] {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأحقاف:٢٧].

يقول عدي:

أين كسرى كسرى الملوك أنوشروان أم أين قبله سابور

إلى آخر ما قال عدي بن زيد، وهو جاهلي لكن ما كان يشرب الخمر، نزل مع النعمان بن المنذر في نزهة، فقال: أبيت اللعن، هل تسمح لي بالكلام؟

قال: تكلم، قال: هل تدري ما تقول هذه الشجرة أيها الملك؟

قال: ما أدري! وهل يتكلم الشجر؟

قال: تقول:

رب ركبٍ قد أناخو حولنا يخلطون الماء بالخمر الزلال

قد مضوا حيناً وساروا زمناً وساروا جثثاً تحت الرمال

فبكى النعمان ورفع الخمر، فهذا نذير أمة، يقول: يا نعمان! لا تضيع حياتك في الخمر، فهذه الشجرة تخبرك أن قبلك ملوك سكنوا وجلسوا هنا، وضحكوا وشربوا لكن ذهبوا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>