دخل عمر رضي الله عنه وأرضاه المسجد، فوجد شباباً يتعبدون، قال: من يعطيكم طعامكم؟ قالوا: الله، وهل يشك عمر أن الذي يطعم هو الله؟! قال: أدري أنه الله، لكن من يطعمكم؟ -لأن أوعية الطعام لا تنزل من السماء، أوعية اللحم والأرز والفاكهة لا تأتي من السماء، لا بد من أخذ الأسباب -قالوا: جيراننا.
قال: جيرانكم خير منكم، انتظروني قليلاً، وظنوا أنه يأتي بأوعية فيها لحم وأرز، فأتى بالدرة التي يخرج بها الشياطين من الرءوس، ثم ضربهم وقال:[[اخرجوا، إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة]].
فقضية أن نترك الدنيا والتجارة وطلب المال والرزق الحلال، بحجة أن الدنيا فانية، وأن الله سوف يحاسبنا على الأموال، ويبقى في رأس القائمة اليهود وهم أغنياء العالم، يسيرون السلاح والاقتصاد والإعلام والسياسة والكراسي والقرار، ونبقى متخلفين بحجة أن الدنيا فانية.
ثم يأتي في القائمة الثانية الرافضة، وهم المرتبة الثانية بعد اليهود في الغنى، فيصدرون الثورات والقرارات والبدع، ونبقى نحن نسمى الفقراء -فقراء أهل السنة - وإذا أردنا مشروعاً ينادون بعد صلاة الجمعة: تبرعات تبرعات، والكراتين عند الأبواب، ثم نتبرع من ريال ومن عشرة ومن خمسين.
إذا أردنا كتاباً نطبعه فنصيح حتى تبح حلوقنا، ليس عندنا مصدر رزق، والخير كثير والحمد لله، لكننا ربما ظننا أن السعي لطلب الرزق ولجمع المال ينافي الزهد، وهذه بطالة، وقد تعرض لها الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله في أول تفسيره بعرض جميل.
وقد ضغط على المسلمين بقوة الاقتصاد وأصبحت حروب الدول في العالم الآن في الاقتصاد، فأين مكان أهل السنة والجماعة في مبدأ الاقتصاد؟ وهل لهم بديل؟ هل لهم مشاريع؟ هل لهم أطروحات في جمع المال؟ ودعونا من الأحاديث الموضوعة والضعيفة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع المال وأنفقه، وقد دخل كثير من الصحابة الجنة بالمال، مثل: عثمان وغيره.