ربما قال قائل: وهل الشيخ يجيد الخطابة؟ والذي يسمع الشيخ ويسمع محاضراته يدرك أن الرجل لا يتكلف الكلام؛ إذ أنه لما فقد بصره ركز على ذهنه وعلى ذاكرته، فكان يرتب الألفاظ والمعاني ويرتب المسائل، وإذا بدأ في محاضرة من ساعتين لا تجده يدخل في مسألة قبل مسألة، بل يوردها سهلة ميسرة يبنيها باباً باباً؛ مستدلاً بالكتاب والسنة وأقوال أهل العلم، ولا يجرح المشاعر، ولا يأتي بكلمة غليظة، ومما يميز الشيخ أنه بعيد عن التقعر، وهو: طلب وحشي الكلام الذي لا يفهمه الناس، وهذا يأخذه بعض الناس رياء وسمعة ليقال: واعظ.
أما الشيخ فقد كان يبتعد عن التقعر في الكلام، بل يأتي بالكلام المعهود السهل القريب الذي يفهمه الناس، ولكن بأسلوبه السهل الممتع رفع الله منزلته.
ومن خصائصه الخطابية: قدرته على ترتيب أفكاره حتى لا تتشتت، وضبطه لعواطفه حتى لا تغلب عقله، ثم سلامة أسلوبه الذي لا يكاد يعتريه اللحن في صغير من القول أو كبير.
وأخيراً: تحرره من كل أثر للتكلف، أو التملق، أو التنطع، أو التعمق، كما سلف.