[موقف اليهود من ابن سلام]
قال: يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت -يبهتون، يخونون، يغدرون، أهل زور، أهل كذب، لا تخبرهم أني أسلمت، لكن ادعهم -يا رسول الله- إلى بيتك أو إلى المشربة، واجعلني خلفك في غرفة واسألهم عني، ثم أخرج وأقول: أسلمت، واسمع ماذا يقولون، فأخذه ووضعه في غرفة وأغلق عليه، ثم دعا من اليهود عشرة من أحبارهم، ومن دجاجلتهم، من الذين يتأكلون بالتوراة، المزورين على الله ثم التاريخ، قال: كيف عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وعالمنا وابن عالمنا، وحبرنا وابن حبرنا، وسيدنا وابن سيدنا.
فقيههم وعالمهم هو عبد الله بن سلام، وهؤلاء عشرة قد شهدوا، فقال صلى الله عليه وسلم: كيف لو أسلم؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك -يقولون: حماه الله من أن يسلم لك، أو يصدقك، أو يتبعك- قال: اخرج إليهم، فخرج وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
قالوا: شرنا وابن شرنا، وخبيثنا وابن خبيثنا، وكاذبنا وابن كاذبنا، قال سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف:١٠] هذا هو الشاهد، فلم لا تسلموا؟! عرف الحق وهو عالمكم، فلم لا تتبعون الحق؟ فما المعنى؟
المعنى أننا نجابه قوماً سبوا الواحد الأحد، وقتلوا الأنبياء، وكفروا بالشرائع، واغتالوا الحق، وحاربوا العدل في الأرض، فليس لنا معهم إلا أن نعود إلى الله ونفوض أمرنا إلى الله، ونلجأ إلى الواحد الأحد، ونستجير به منهم، لننتصر عليهم.
فيا من أراد أن تنتصر الأمة! انصر الإسلام في نفسك وبيتك وأسرتك ومدرستك وناديك.
يا من أراد أن تعود لنا أرضنا، ويُحمى عرضنا، ويُكف الظلم والذبح والقتل والتشريد عن أبنائنا! استلهموا الرشد من الواحد الأحد، اطلبوا النصر من الله، الجئوا إلى الله، جددوا التوبة معه سبحانه.
يا ألله! كان المسلمون في القادسية، واليرموك، وعين جالوت، وحطين إذا حضروا المعركة رفعوا أكفهم إلى الله، والآن نحضر فنرفع شكاوينا إلى المجالس الكافرة، وإلى الأندية الغابرة، ونتكفف ونستجدي الأمم!
يا ألله! صلاح الدين يوم حضر في حطين، يقاتل أعداء رب العالمين، أهل الصليب، قال لجيشه: امكثوا، لا تبدءوا المعركة حتى يصعد الخطباء في العالم الإسلامي على المنابر، فإنها ساعة استجابة، فإذا بدأ الخطيب يخطب، وتنزل النصر من السماء؛ بدأنا المعركة.
فلما صعد الخطباء المساجد في العالم الإسلامي، ماذا فعل؟ ألقى خوذته، ومرغ وجهه في التراب، واستقبل القبلة، وبكى وناشد الله النصر، وتوجه بجيشه فأحرقوا الصليب وأهله، وفتح بيت المقدس {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران:١٦٠].
أيها الناس! أسأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب، وأسأله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن ينصرنا نصراً مؤزراً.
اللهم ارفع راياتنا وأيّد بيناتنا، اللهم انصرنا على عدوك وعدونا، اللهم انصرنا على قتلة الأنبياء الذين سبوك وسبوا كتبك، وآذوا رسلك.
اللهم مزقهم، اللهم احرقهم، اللهم دمرهم، اللهم شردهم.
اللهم اجعلهم عبرةً للمعتبرين، وعظة للمتعظين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم وحد صفوفهم، اللهم ألف بين قلوبهم، اللهم ردنا إلى الكتاب والسنة رداً جميلاً، اللهم ارفع الضائقة عنا، اللهم ارفع الكرب، وفك الخطب، فأنت نعم الرب.
اللهم إنهم استأسدوا، وبطشوا، وسفكوا، وآذوا، وسبوا، وشتموا، اللهم فنصرك الأكيد، وبطشك الشديد، يا ذا العرش المجيد.
اللهم أهلِك يهود، اللهم اكفنا شرهم بما شئت يا رب العالمين.
اللهم صلِّ وسلم على النبي المجتبى، والرسول المصطفى، اللهم اعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة، جزاء ما قدم وبلغ ونصح وبيّن.
اللهم صلِّ عليه وعلى آله وسلم، وعلى أصحابه ومن سار على منهجه إلى يوم الدين، اللهم ارض عن خلفائه الراشدين المهديين، ومن سار على منهجهم يا رب العالمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.