للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حسان شاعر الرسول]

قالوا: ومن أحسن شاعر؟ قلنا: حسان.

حسان حبيبنا، وهو قائد الشعراء إلى الجنة يوم القيامة، يدخل الجنة بالأدب: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق:٢٠] من عنده شعر وأدب وقصة؛ فلماذا لا يستخدمها في طاعة الله وفي نصرة الإسلام؟

حسان يدخل الجنة بالشعر، تخصصه في قسم الأدب، كان عليه الصلاة والسلام يسمع هجاء المشركين يسبونه ويشتمونه، فيقول: يا حسان! كيف تفعل مع المشركين؟ -أي: هل تستطيع أن تمرغهم بالتراب؟ - قال: يا رسول الله! أستطيع، قال: بماذا؟ فأخرج لسانه وضرب به أرنبة أنفه -ونحن لا نستطيع، كل من في المسجد لا أعلم أن أحداً إلا في القليل يستطيع، وهذا ليس وقت إخراج الألسن- فأخرج حسان لسانه وضرب أرنبة أنفه وقال: يا رسول الله! بهذا؛ لو وضعته على صخر لفلقه، ولو وضعته على شعر لحلقه، قال: {اللهم أيده بروح القدس} من هو روح القدس؟ جبريل؛ لأن جبريل يحب حساناً، وحسان يحب جبريل، وحسان مدح جبريل بقوله:

وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد

يقول: القيادة العليا بيد جبريل وبيد محمد، قال بعض العلماء: بل القائد الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم، وجبريل تحت قيادته؛ لأن جبريل لما نزل بألف ملك، يقول بعض الخطباء العصريين: نزل بكمندوز، لكن نحن نقول: ملائكة مسومين عليهم العمائم، نزل بهم على العقنقل، والغبار على ثناياه, ومعه ألف مقاتل من الملائكة قد صدر إليهم الأمر الإلهي: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:١٢] فوصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فاشترك معه، وجعل القيادة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يقولون: أشرف بيت قالته العرب:

وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد

يقولون: علي بن موسى ولي عهد المأمون كان رجلاً صالحاً كبير القدر؛ مات مسموماً شهيداً، كان يصلي نصف الليل، فأتوا لشاعر من الشعراء اسمه الحسن بن هاني، قالوا: مدحت الناس جميعاً وتركت ابن بنت الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ينتسب إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، فهو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , فأتى الحسن بن هاني هذا إلى علي بن موسى، قال: سامحني، لأني ما مدحتك؛ لأنك أكبر من المدح، ولكن قلت فيك أبياتاً، قال: ما هي؟ قال:

قيل لي أنت واحد الناس في كل معنىً من الكلام بديهي

لك في جوهر الكلام بديع يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلام تركت مدح ابن موسى بالخصال التي تجمعن فيه

قلت لا أهتدي لمدح إمام كان جبريل صاحباً لأبيه

يقول: كيف أمدحك وأبوك كان جبريل صاحبه؟! لا أستطيع أمدح الناس لأنهم ناس، أما أنت فأبوك كان معه جبريل عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>