[الوسوسة في الصلاة والكسل عن صلاة الفجر]
السؤال
من المشاكل التي وصلتنا في الصلاة أن كثيراً من الشباب يشتكون من الوسوسة في الصلاة، والتفكير في أمور خارج الصلاة، وهو في أثناء الصلاة، فما حكم ذلك؟
والمشكلة الأخرى هي عدم استطاعة الشباب القيام لصلاة الفجر؟
الجواب
أما وسوسة الصلاة فهي مشكلة عريقة عظيمة وقديمة من عهد المصطفى عليه الصلاة والسلام، وعند النسائي من حديث عمار: {إن من الناس من يصلي فلا يخرج من صلاته إلا بعشرها} وبعض أهل العلم يجعل الحديث تنازلياً وبعضهم تصاعدياً، بعضهم يقول في رواية الحديث كما عند النسائي: {يخرج من الصلاة وصلاته كاملة، ومنهم من يخرج بنصفها، ومنهم من يخرج بثلثها، بربعها، حتى وصل إلى عشرها}.
وهذه الوسوسة لها أسباب: إما قلة عظمة الله عز وجل في القلب، أو كثرة الشواغل والدواعي والواردات، فإن بعض الناس ترد عليه واردات قبل الصلاة تشغله في الصلاة، وحل ذلك يكمن في ثلاثة أمور:
أولاً: أن تعرف أن الكبير وملك الملوك الذي دخلت بين يديه أولى بالتعظيم ممن تذكر، ومعنى (الله أكبر) أي: من كل مذكور، أو كل ما خطر ببالك، أو كل ما شغلك في الصلاة.
والأمر الثاني: أن تشغل نفسك بتدبر القرآن، فإن كنت قارئاً فتدبر ما تتلو، وإن كنت مستمعاً فعش مع الإمام وهو يتلو عليك الآيات لتشغل نفسك عن الشواغل.
والأمر الثالث: أن تصلي صلاة مودع، وكأنها آخر صلاة تصليها في الحياة الدنيا، ولا تدري هل تعيش بعدها أو تموت.
والناس يختلفون على في هذا درجات.
وشكي إلى أبي حنيفة رحمه الله، فقال له رجل: حفرت لمالي مكاناً وما علمت أين وضعته، قال: قم فصل في الليل؛ فإن الشيطان سوف يذكرك في الصلاة -ما يذكر إلا في الصلاة- فقام الرجل، فلما استفتح بالقراءة بالفاتحة تذكر المال، وقطع الصلاة وفر يبحث عن المال، وليته أكمل الصلاة، لكن خاف أن ينسى بعد الصلاة أين وضع المال.
وأما المشكلة الثانية: مشكلة صلاة الفجر؛ وهذه لها أسباب كسبية من العبد، فالله عز وجل لا ينوم الناس عن الصلاة، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى جعل الأشياء بمسبباتها، فقال في المهتدين: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩] وقال في الضُلَّال: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:٥] فإن من يسهر السهر الطويل المميت القاتل ثم ينام عن صلاة الفجر، ثم يقول: نام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الفجر هو وأصحابه، والله المستعان! دائماً يستدل بها، فعلها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة فيجعلها دائماً ألف مرة.
يقول الغزالي: مثل هؤلاء كمثل أناس سمعوا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى الحبشة يلعبون الحراب في المسجد مرة في العمر -في تاريخ الدعوة مرة- فأقره الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا كلما صلى الصلاة أخذ حربته ولعب في المسجد، وقال اقتداء بالحبشة، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقرهم!
فالذين يأخذون نوادر المسائل في السنة ويجعلونها اطرادية؛ هؤلاء ضلوا من طريقين: من طريق قلة الفهم، ومن طريقة التعدي بالكسب السيئ في العبادات.
ولنتحدث في صلاة الفجر: كان السلف الصالح يشكون من عدم قيام الليل، أو تأخر قيام الليل، أما نحن فوصلنا إلى أَلا نقوم الفجر، فحله -بارك الله فيكم- أمور ذكرها الغزالي في الإحياء وغيره.
منها يقول: أن يكون لك قيلولة في النهار، رأى الحسن البصري أناساً في سوق البصرة وقت القيلولة لا يقيلون، قال: إن ليل هؤلاء ليل سيئ، ما دام أنه لا ينام في النهار فمعناه أنه سينام في الليل.
ومنها: أن تنام مبكراً، فإن من سهر فإنه سوف يفوته الفجر إلا من رحم ربك.
ومنها: أن تقلل من عشائك، وهذا فيه نظر، وأنت أبصر بنفسك.
ومنها: أن تقرأ الورد الذي ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـ علي وفاطمة في الترمذي: {أن تسبح ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين، وتكبر أربعاً وثلاثين، وقال لهما: فهو خير لكما من خادم} فهو قوة بإذن الله لقيامك لليل، وبعض أهل العلم جرب، وقال: إن من قرأ آية الكرسي سبع مرات أيقظه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن توضأ ونم مبكراً واسأل الله عز وجل أن يوقظك.
ثم الوسائل الجديدة، كأن تأخذ لك ساعة موقظة، أو تلزم بعض أهلك بإيقاظك، والله معك.