أتت امرأة العزيز تعرض نفسها عليه، أغلقت الأبواب ولفظ القرآن الكريم يقول:{وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ}[يوسف:٢٣].
زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، سبحان الله! وغلقت الأبواب إنها مَلِكة! وهو لا يخاف أن يؤتى من جانبها؛ لأنها تأمر وتنهى، والأمر الثاني: جميلة وهي لذلك أدعى وأشهى، والأمر الثالث: أنه في قصرها وليس في بيته، والأمر الرابع: أنه شاب، والأمر الخامس: أنه أعزب، ولم يكن متزوجاً ليعود إلى حلال، والأمر السادس: أنه ليس من أهل مصر ولو كان من أهل مصر لاستحى من سمعته ومن شهرته ومن صيته، لكنه غريب، والغريب لا يوجل ولا يتحرج كما يتحرج القريب، والأمر السابع: أنها هي التي دعت، والأمر الثامن: أنها غلقت الأبواب، والأمر التاسع: أنه ليس معها أحد من الناس ولكن نسيت رب الناس، وقال بعضهم: إن الأمر العاشر أنه جميل، فإنه أوتي شطر الجمال، جمال الناس.
قالت: هيت لك.
قال: معاذ الله!
سلام عليك يا يوسف وهنيئاً لك وبشرى لعينيك! هل قال شبابنا وشاباتنا وفتياننا وفتياتنا لما رأوا الحرام قالوا: معاذ الله؟ يا من نظر إلى الفتاة الجميلة وغض بصره وقال: معاذ الله! هنيئاً لك، يا من رأى المجلة الخليعة فقاطعها وقال: معاذ الله! يا من سمع نغمة ماجنة فتاب وقال: معاذ الله! يا من دعاه جلساء السوء لهجر المساجد وللإدبار عن القرآن فقال: معاذ الله! هنيئاً لك.
وأنت -أيتها الفتاة- هنيئاً لك يوم قلت في حياتك: معاذ الله، معاذ الله من أخدان السوء {وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}[النساء:٢٥] معاذ الله من معاكسات الهاتف، ومن التجرم والتفسخ في الهاتف، معاذ الله من خلع الحجاب، معاذ الله من السفور، معاذ الله من الرفقة السيئة، معاذ الله من الخلوة المحرمة، فهنيئاً لك وسلام عليك يوم تلقين الله.
فأنجاه الله؛ لماذا؟ تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وأصبح من نجاح إلى نجاح، ومن اتصال إلى اتصال، ومن قرب إلى قرب، حتى ملكه الله مصر وقال في آخر المطاف:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[يوسف:١٠١].