يأتي رجل من أهل اليمن فيقول:{يا رسول الله! أريد الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: ألك والدان؟ قال: نعم.
قال: فالزمهما، فإن الجنة عند قدميهما أو رجليهما} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والحديث عند مسلم.
وفي رواية صحيحة:{ففيهما فجاهد}.
فخدمة الوالد والوالدة أعظم من الجهاد في سبيل الله، وقد ظهر في شبابنا من يذهب إلى الجهاد -مثلاً- في أفغانستان، ولا يستأذن والديه، ويذهب على رغم أنفهما، ويغضبهما، ويريد الأجر من الله! فهذا ليس له أجر، وليس له ثواب حتى يأذن له والداه، ويسمحا له عن طيب قلب، وراحة نفس، فإذا سمحا فله الأجر والثواب عند الله.
ولذلك يقول بعض أهل العلم: أهل الأعراف الذين ذكرهم الله عز وجل بقوله: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ}[الأعراف:٤٦] هؤلاء يسكنهم الله عز وجل في مكان بين الجنة والنار، ليسوا في النار ولا في الجنة، قال بعضهم: هؤلاء الذين خرجوا في سبيل الله، ولكن بغير إذن الوالدين، فليسوا في النار ولا في الجنة؛ ولكن على الأعراف.
فليعلم العبد أن بقاءه في خدمة والديه، وطاعتهما، أعظم من الجهاد وحمل السيف والبندقية، وضرب أعداء الله في سبيل الله، هذا هو الجهاد العظيم الذي يأجر الله العبد عليه يوم القيامة، ثم الجهاد في سبيل الله بعد رضا الوالدين.
جاء في صحيح مسلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال وهو على المنبر:{رغِمَ أنفُ رغِمَ أنفُ رغِمُ أنفُ} وفي السنن: {رغِمَ أنفُه، قالوا: من يا رسول الله؟ قال رغِمَ أنفُه، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: رغِمُ أنفُه، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: مَن أدرك والديه أو أحدهما في الكبر، ولم يَدْخُلِ الجنة} من أدرك والديه الكبيرين أو أحدهما ولم يدخل بسببهما الجنة فأرغم الله أنفه في التراب، فهو محروم من البر والرحمة، والإحسان والحنان، والخير والتوفيق، والهداية والسداد.