[محاولة الدجال دخول المدينة]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {يأتي المسيح الدجال من قبل المشرق وهمته المدينة حتى ينزل دائر أحد - يعني: قريباً من جبل أحد - ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام} وهناك يهلك، يريد أن يقترب ولكن ينزل في حرة قريباً من المدينة والملائكة تجتمع عليه فتطرده بإذن الله، فيحاول أن يدخل من كل جهة، لكن لا يستطيع لأنها محصنة بالملائكة لشرفها، ولوجود الرسول عليه الصلاة والسلام.
والعجيب من المعجزات يقولون: أن المسيح يصعد على جبل أحد ويقول: هذا قصر محمد، هذا قصر محمد الأبيض، أي: المسجد، وكان في عهده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طين لكن انظر المعجزة الآن -كما تعرفون- يبنى ويبيض ويصبح أبيض كالقصر، فيقول: هذا قصر محمد، يعني مسجده عليه الصلاة والسلام.
بنفسي تلك الأرض ما أحسن الربى وما أحسن المصطاف والمتربعا
ذاك المسجد منه انطلقت الرسالة، والنور، والهداية، والإيمان، والعدل، والسلام، والحب، والرحمة، والحنان.
ذاك المسجد خرج منه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
ذاك المسجد خرج منه الشعر الصادق، والأدب الناصع، والكلمة الحية، والأدب الجم.
ذاك المسجد خرجت منه حضارة الإنسان، حضارة الروح التي أهداها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام للناس.
وفي قصيدة مترجمة لـ محمد إقبال يقول أبو الحسن الندوي: محمد إقبال ما زار المدينة، ولكنه توهم أنه مشى في الليل، فوصل إلى قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، فأهدى له قصيدة، وإن شاء الله ستكون هناك محاضرة في كلية الشريعة بعنوان" محمد إقبال شاعر الحب والطموح" نتكلم عنه وعن شعره الإسلامي، وعن أثره في الأدب، إنما يقول:
وصلت إلى المدينة، فقال لي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أين أتيت يا محمد إقبال؟ وهذا شعر ترجم بالعربية، لو كان نظمه هو لكان أحسن كان يبكي بشعره الهنود، فشعره قوم دولة باكستان والتي فيها ثمانين مليوناً بإذن الله، ثم بجهود محمد إقبال، وهو الذي أتى بـ محمد علي جناح ويسميه الباكستانيون جنة، محمد علي جنة هذا أول رئيس لهم، فالمقصود: أنه يقول: أتيتك يا رسول الله! فقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أين أتيت؟ قال: أتيت من الهند، قال: هندي وتأتي إلي، ماذا أتى بك؟! قال: أنا جسمي هندي وقلبي عربي -يترجمها العربي- يقول:
إن كان لي نغم الهنود ودنهم لكن ذاك الصوت من عدنان
قال: ماذا جاء بك؟ قال: يا رسول الله أبحث عن أصحابك الذين رفعوا الرسالة في العالم ما وجدتهم -يقول: أين هم الدعاة الذين يبعثون لا إله إلا الله ويرفعونها- قال: أما أتوكم في الهند؟ قال: أتونا لكن ماتوا، ثم ما أصبحت السفينة ترسل لنا أحداً في الهند - يقول: الجزيرة ما أصبحت تخرج لنا دعاة، خرج من الجزيرة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وخرج من الجزيرة خالد وسعد وخرج من الجزيرة علماء الإسلام، وأمة الإسلام أين هم؟ - الآن لم يبق إلا أناس عاديون، أصبح يخرج منها بعضهم مطربين فنانين، ولكن ما أصبحت تخرج تلك العملة، أين هم يا رسول الله؟ فقال: فتأسف الرسول عليه الصلاة والسلام وتحسر قال: ثم وقفت باكياً، وقلت له وأنا أناجي ربي عند الرسول عليه الصلاة والسلام في قصيدتي المشهورة: يارب!
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
يا ربي أين الأمة؟ أتيت إلى الجزيرة فما وجدت الأمة، وجدت أناساً يبنون فللاً، وجدت أناساً يركبون سيارات فاخرة، ووجدت الناس عندهم قصور، ووجد الناس يلعبون البلوت والكيرم، وأناساً يصلون، لكن العالم يا رسول الله يفتقر إلى هذه الأمة لينشروا الدين، فأعدهم يا رب، قال: يارب!
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
محمد إقبال دخل أسبانيا، فأتى الحمراء فبكى.
قال له الأسبان: مالك تبكي؟ قال: أجدادي هم الذين بنوا هذا المسجد، دعوني أتكلم مع أجدادي، فتقدم إلى مقبرة، يقولون: بها الناصر وعبد الرحمن الداخل خلفاء الإسلام هناك قال: السلام عليكم، تركنا إرسال وفود من شبابنا إليكم، فأتت الماجنة الحمراء تغني على قبوركم، أي: الفرنجة تغني.
مر بـ السويس في مصر فأرسل رسالة إلى فاروق مصر رسالة من السفينة يقول: يا فاروق مصر إنك لن تكون كـ الفاروق عمر حتى تحمل درة عمر، يقول: يا فاروق مصر لا تسم نفسك فاروقاً، فلن تكون كـ الفاروق عمر حتى تحمل درة عمر.
الشاهد: أن المدينة لا يدخلها - بإذن الله - وأن النور سطع منها، وأنها تراثنا، وسمونا، وسؤددنا من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
يقول ابن تيمية وهو يذكر بعض العلماء: كانوا إذا اقتربوا من المدينة، يأتيهم شوق إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وبعضهم كان يبكي، والإمام مالك أثر عنه أنه قال: والله لا أركب دابةً في المدينة، قيل له: ولم؟ قال: تراب مدفون فيه رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، لا أركب دابةً وأطأ ثراه بدابة، وهذا من ورع مالك.
وذكروا عن علماء العراق ومحدثيهم أنهم كانوا إذا اقتربوا من المدينة مشوا حفاة احتراماً وتوقيراً لرسول الهدى عليه الصلاة والسلام.
ولغلاة الصوفية عجائب في باب زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام هناك، ويأتون بخزعبلات لا يصدقها العقل، قرأت لأحدهم يقول: أتيت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام عند الروضة فاقتربت من القبر فقلت: يا رسول الله أنا فلان بن فلان -يعرف ببطاقته الشخصية- جئت من بلد كذا وكذا، وأنا يا رسول الله:
في حالة البعد نفسي كنت أرسلها تقبل الأرض عنكم وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
قال: فانشق القبر ومد يده، فسلم علي، هذه أكبر كذبة في التاريخ، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينشق عنه القبر، ولم يسلم على أحد، وهو حي في قبره حياة الله أعلم بها، ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أكثروا عليّ من الصلاة والسلام ليلة الجمعة ويوم الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا: كيف تعرض عليك صلاتنا يا رسول الله وقد أرمت؟ - أي بليت- قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء} ولهم أخبار في ذلك لكن حتى لا يتلبس على الإنسان بهذا، ونسأل الله أن يغفر في بعض المواقف وبعض ما يجري من الناس.
حدثنا بعض المشايخ يقول: كنا عند الروضة نسلم عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السلام الشرعي، فأتى رجل عجوز فسلم، قال: يا رسول الله! ما أريد أطول الكلام الشفاعة والسلام - يعني أنه مستعجل فيقول: يا رسول الله! عندي كلام كثير وأنا سوف أختصر لك الطلب، أريد شفاعة يوم القيامة، نسأل الله أن يغفر لنا.
وقد ذكر أهل العلم في ذلك حتى في كتب السنن كلاماً عجيباً لمثل هؤلاء منهم ابن الجوزي يقول: أتى حاج أعرابي فخرج لرمي الجمرة يوم العاشر -جمرة العقبة- ونزل إلى الحرم، ثم تعلق بأستار الكعبة قال: اللهم اغفر لي قبل أن يزدحم عليك الحجاج.