وقال سبحانه:{ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ}[الحجر:٤٦] ولو لم يكن بسلام لكانوا خائفين، ولو لم يكونوا آمنين ما تهنوا بالعيش، ولذلك العيش لا يسعد إلا بثلاثة أمور: إيمانٌ وأمنٌ وصحة، فمن جمع الله له الإيمان والصحة في البدن، والأمان في الأوطان، فقد أعطاه الله غاية ما تمنى، فلذلك قال سبحانه:{ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ}[الحجر:٤٦] ولذلك إنما سمي السلام سلاماً، لأنك تقول للمسلم: سوف تسلم مني، وفي الحديث الصحيح:{المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده} أما سلامة صدورهم فهي من أعظم خصال أهل الجنة، ولا نعيم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بسلامة الصدور، والقلب إذا اشتعل بالحقد والحسد والبغضاء، والضغينة، فلا عيش له ولا هدوء.
ويقولون: لله الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله.
وإن الحسد والضغينة تقتل صاحبها في الدنيا، ولذلك جعل الله من نعيم أهل الجنة إذا دخلوا الجنة أن ينزع الغل من قلوبهم، والحسد قد يكون بين المؤمنين والمسلمين قال سبحانه:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:٤٧] وفيها نعيم.
أولاً: قال: ونزعنا، ولم يقل: نُزع، للاحتفاء بهم.
وقال: ما في صدورهم من غلٍ ليذهب كل حقدٍ وغيظ.
وقال: إخواناً، لأنه قد ينزع، ولا يكون بينهم معرفة، فزادهم أن تعارفوا في الجنة.
وقال: على سُررٍ، وهذا من النعيم، ولم يقل: على بسط، أي: رفعهم سبحانه، وقال: متقابلين، أي: لا يولي بعضهم بعضاً ظهره؛ لأن من النعيم أن تقابل أصحابك في جلسةٍ ندية، قال أحد شعراء العرب في نعيم المجالس:
ولما جلسنا مجلساً طله الندى جميلاً وبستاناً من الروض ناديا
أثار لنا طيب المكان وحسنه منىً فتمنينا فكنت الأمانيا