كلما حصلت جفوة أو حصل تجافٍ أو هجر عدنا إلى الدين، وتصورنا ونحن نصلي الصلوات الخمس، ونحن نتجه إلى قبلة واحدة، ونتبع رسولاً واحداً صلى الله عليه وسلم، ونعبد رباً واحداً، ومعنا كتاب واحد وسنة واحدة، فلله الحمد، فتصوروا أيها الإخوة! أن ما يجري بين الأحبة لا يفسد للود قضية، بل أحياناً من حكم الله عز وجل أن يوجد هذا بين الناس، فإن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}[الأنعام:١١٢] فإنه بمشيئته تحدث، وفيها من المصالح العظيمة ما الله به عليم حتى يقول المتنبي:
لعل عتبك محمود عواقبه وربما صحت الأجسام بالعلل
ولعلنا نكره شيئاً فيه خير كثير، ونحب شيئاً فيه شر كثير، ولله الحكمة البالغة.
لا تدبر لك أمراً فؤلوا التدبير هلكى
وارض بالله حكيماً نحن أولى بك منكا
فإذا رضيت بالله متصرفاً في شئونك الخاصة والعامة صرفك كما أراد سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا تكره من أمر الله شيئاً، ورب ضارة نافعة، أحياناً تحصل أمور يكون فيها مصالح عظيمة، لا يدركها البشر بعقولهم ولا بتخطيطهم ولا بتصريفهم، منها أمور تكون قوة للإنسان ورفعة ومنزلة وحماية، وكفارة ودرجة، وهو كان يظن أنها نقمة، وأنها ضربة وكارثة، فلله الحكمة البالغة، فرضينا بحكمه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولابد للعبد أن يقول كلما أصبح:{رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً} وفي سنن أبي داود بسندٍ صحيح أنه قال: {رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً كان على الله حقاً أن يرضيه}.