قلت: إن الله عز وجل لما قال: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}[طه:١٣] أن الله ما اختاره إلا لأنه تواضع لله، فكيف يتواضع لله؟
الجواب
سبحان الله! تواضع لله، أي: حمل في قلبه عظمة الله، وحب الله، وجلال الله، وكان في نفسه حقيراً، ولذلك في الأثر:[[اللهم اجعلني في نفسي صغيراً، وعند الناس عظيماً]] والتواضع ألا تحمل في نفسك كبراً، وأن ترى أنك عبد من عباد الله، وأنك حقير وفقير وصغير وما عندك شيء، وأنك ذليل، ولو لم يهدك الله لما اهتديت، ولذلك كان الكبر من أعظم الذنوب، وهو ركن الكفر، وصاحبه موعود بالمقت من الله والغضب والهلاك، وفي صحيح مسلم:{إن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، من نازعني فيهما عذبته}.
وفي الحديث الصحيح:{يحشر المتكبرون على صورة الذر، يطؤهم الناس بأقدامهم} فالتواضع لله أن تكون متواضعاً في كلامك، فلا تستخدم "أنا" دائماً، أنا غني، أو أنا سليم المعتقد؛ إلا لإظهار صحة التوحيد إذا طلب منك أو سئلت، ولا تقل: أنا كثير العلم، أنا طيب السريرة، أنا أنا، قال ابن القيم رحمه الله: احذر كلمة (أنا) وكلمة (لي) وكلمة (عندي) فإن كلمة (أنا) أخذها إبليس، فقال: أنا خير منه، وكلمة (عندي) أخذها قارون، فقال: إنما أوتيته على علم عندي، وكلمة (لي) أخذها فرعون، فقال: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي.
ولكن تصح كلمة أنا، إذا قلت: أنا الفقير، أنا المسكين، أنا الضعيف، أنا الهزيل.
أنا الفقير إلى رب البريات أنا المسيكين في مجموع حالاتي