وواصل صلى الله عليه وسلم رحلته؛ أما جبريل عليه السلام فتوقف، فقال صلى الله عليه وسلم: معي؟ قال:{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}[الصافات:١٦٤] ومقام جبريل عليه السلام ذاك المقام لا يتجاوزه، فصعد صلى الله عليه وسلم {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}[النجم:١٤ - ١٦].
قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: ما هو الذي يغشى السدرة؟ قال:{ألوان لا أعرفها الآن} ثم كلمه الله عز وجل وفرض عليه خمسين صلاة، والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير ربه لما أسري به أو عرج به إلى السماء، والذين قالوا: إنه رأى ربه خالفوا النصوص، والمسألة خلافية لكن الصحيح مع الذين قالوا: لم يره، فقد قال موسى عليه السلام لربه:{رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي}[الأعراف:١٤٣] يعني: في الدنيا، والمعتزلة قالوا: لا في الدنيا ولا في الآخرة، وقالوا: لن هنا للتأبيد وكذبوا قال ابن مالك:
ومن رأى النفي بلن مؤبدا فقوله اردد وسواه فاعضدا
أي: اردد قول من قال: إن النفي بلن مؤبد، فهي ليست إلا في الدنيا، وأما في الآخرة فإن الله يراه المؤمنون كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة.
وقد سئل صلى الله عليه وسلم:{هل رأيت ربك؟ قال: نورٌ أنَّى أراه} أي: ما رأيته، وقالت عائشة لما قال الأسود بن يزيد:[[هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قالت: لقد قف شعري مما قلت -قف شعر رأسه أي: انتفش، واستقام أو تحرك من ثقل هذه الكلمة- من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله]].
فهو لم ير ربه، والذين قالوا: إنه رأى ربه، مثل ابن عباس فقد ورد عنه أنه قال ذلك كما في صحيح مسلم ولكن الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه وقال:{نورٌ أنَّى أراه}.