هذه المصائب التي ذكرتم في نقص النعم، فما أمثالها في زيادة النعم؟
الجواب
أحسنت، هذا جانب الضراء وهو الابتلاء بالنقص والأخذ، والمرض والألم، لكن هناك مصائب يبتليها الله عز وجل، وهي من السراء كالزيادة في العطاء والنعم.
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض الناس بالنعم
فبعض النعم ابتلاء وامتحان ومزلة، ابتلى الله عز وجل كثيراً من الناس بالنعم والزيادة، فرسبوا وأخفقوا وما نجحوا، وابتلى الله بعضهم فأنعم عليهم فشكروا، وابتلي البعض بالنعم فما صبر وما شكر وما أعطى، وما أروا الله من أنفسهم خيراً كأهل سبأ {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا -ما شكروا- وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}[سبأ:١٥ - ١٧] فهؤلاء ما شكروا.
قارون أنعم الله عليه فما قدر النعمة وما شكر، وهذا ابتلاء بالنعمة {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ}[القصص:٧٩ - ٨٠] فابتلي بالمال، فما شكر، فكان كفراناً وجحوداً وذنباً وغضباً.
فرعون ابتلي بالمنصب أعطاه الله الملك، والواجب أن يستخدم هذا الملك في خدمة لا إله إلا الله، وفي خدمة دين الله، وفي تأييد رسله، لكن ماذا قال؟ جلس على المنبر، وقال:{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ}[الزخرف:٥١] وقال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص:٣٨] فلما قال: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ}[الزخرف:٥١] أجراها الله من فوق رأسه لما أغرقه.
ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن الوليد بن المغيرة:{وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}[المدثر:١٣ - ١٥] كلا، فابتلاه الله عز وجل ورداه إلى غير ذلك.
فالمقصود أن الزيادة ابتلاء، وأن النقص ابتلاء، فمنهم من يشكر ومنهم من يكفر، لكن ذكر الله عز وجل أن بعض الناس أدى وشكر، وفي السيرة أن عثمان دفع أمواله، فاستنقذ نفسه من غضب الله، وابن عوف كذلك أنفق القافلة في سبيل الله عز وجل، فأنقذه الله من النار، وكثير من الصالحين بذلوا، وأعطوا وأنفقوا الكثير، وشكر الله للسائل هذه اللفتة الطيبة.