قل للمليحة في الخمار الأسود ... ماذا صنعت براهب متعبّد
قد كان شّمر للصلاة أزره ... حتّى عَرضت له بباب المسجد
للدرامي ثقيل الأول فلم تبقَ بالمدينة ظريفة إلا طلبت خماراً أسوداً فباع التاجر الخمر وانصرف ورجع الدارمي إلى التنسك.
[عمر الوادي]
هو عمر بن داوود بن راذان مولى عمرو بن عثمان بن عفّان من أهل وادي القرى وهو من بلاد المدينة على خمسة أيام مما يلي الشام وكان مهندساً ولم يكن يضرب بالعود وكان مع الوليد بن يزيد يشاهد معبداً ومالك عنده وكان الوليد يُسميّه جامع لذتي ومحيي طربي وكان يغني بأشعار الوليد وبقي إلى خلافة بني العباس. وجدت له ثلاثة وخمسين صوتاً. وفي كتاب يونس مع صوت شارك فيه ستة أصوات. فمن غنائه الخفيف:
سليمى يسلم سلمي ... كنت للقلب عذابا
سليمى ابنة عمي ... برد الليل وطابا
أيما واشٍ وشى بي ... فاملئي فاه شرابا
ريقها في الصبح مسك ... باشرت عذبا رضابا
للوليد بن يزيد
[حنين بن بلوع]
أبو الأسود الحيري وكان نصرانياً جمّالاً يكري الإبل عبادي وقيل أنه من بني الحرث بن كعب وهو الذي يقول وغناؤه له:
أنا حنين ومنزلي النجف ... وما نديمي إلا الفتى النصف
أغرف بالطاس وسط باطية ... مترعة تارة واغترف
من قهوة باكر التجار بها ... بنت يهود قرارها الخزف
فالعيش غض ومنزلي خصب ... لم تغرني شقوة ولا عنف
لحنين خفيف ثقيل الأول وحرّم خالد بن عبد الله القسري الغناء فأذن للناس يوماً فدخل عليه حنين فقال أصلح الله الأمير.
كانت لي صناعة كنت أنفق على عيالي منها فحرّمتها. قال: وما صناعتك.
فكشف عن عوده. فقال له: غنِ. فحرك أوتاره وغنَّى:
أيها الشامت المعيّر بالده ... ر أأنت المبرأُ الموفور
أم لديك العهد الوثيق من الأي ... ام أم أنت جاهل مغرور
أين كسرى خير الملوك أنوشر ... وان أم أين قبله سابور
وبنوا الأصفر الملوك كرام ال - أرض لم يبقَ منهم مذكور لعدي بن يزيد: فبكا خالد وقال: قد أذنت لك فلا تجالس عربيداً ولا سفيهاً.
فكان حنين إذا دُعي قال: أفيكم سفيه أو عربيد. فإذا قيل له: لا دخل إليهم. وجدت له أحد وثلاثين صوتاً وفي كتاب يونس ما غناه مفرداً وشارك فيه خمسة عشر صوتاً. منها المتقارب:
أأنكرت من بعد عرفانكا ... منازل كانت لجيرانكا
منازل بيضا كانت تكون ... لسرّ هواك وإعلانكا
ثقيل الأول
[دحمان الأشقر]
ودحمان لقب واسمه عبد الرحمن أبو عمرو مدني مولى لبني ليث بن بكر بن عبد الله بن كنانه. وكان أبوه جمّالاً وكان يضرب بالعود وكان يحجّ ويغزو كلّ عام وكان معدلاً شهد عند عبد العزيز بن المطلب بن حنطب المخزومي على عراقي فعدّله.
فقال العراقي: إنه دحمان فقال: أعرفه ولو لم أعرفه لسألت عنه. فقال: إنه مغني يعلم الجواري الغناء.
فقال: غفر الله لك وأيّنا لا يتغنَّى. ودحمان الذي يقول: ما رأينا باطلاً قط أشبه بالحق من الغناء. ومر يوماً وعليه رداء طريف.
فقيل له: بكم أخذت هذا الرداء. فقال: بما ضر جيراننا. وقال الشاعر:
إذا ما هزج الواد ... ي أو ثقل دحمان
فهذا الشدو من هذا ... ومن هذا بميزان
فهذا سيّد الأنس ... وهذا سيّد الجان
وقال فيه أعشى بني سليم:
قل لذي اللهو في الأفاق كلهم ... أعطوا المقاده أهل الفضل دحمانا
قرماً من البزل جرجاراً يحطمكم ... كما يحطم ليث الغاب أقرانا
كنت فحولا فصرتم يوم حلبتكم ... لمَّا انبرى لكم دحمان خصيانا
بل أبلغوه عن الأعشى مقالته ... أعشى سليم أبو عمرو سليمانا
قولوا يقول أبو عمرو لصحبته يا ... ليت دحمان قبل الموت غنَّانا
وبقي إلى أيام الرشيد ومات بالأنواء سنة اثنين وثمانين ومائة. وجدت له في كتاب إبراهيم مائتين وأحد وثمانين صوتاً. وفي كتاب يونس صوتاً واحداً شارك فيه الغريض:
أبا كرة في الظاعنين رميم ... ولم تشف متبول الفؤاد سقيم
وقالت لأترابٍ لها شبه الدما ... يبكين شجوا والدموع شجوم
لجرير رمل وفيه للعريض
زكير بن يزيد