ثم كانت الطبقة الثانية وقد أدركوا دولة بني العبّاس منهم:
[سياط]
واسمه عبد الله بن وهب مكي مولى لخزاعة أحد المحسنين مع حسن.
وكان رواية يونس وهو علم إبراهيم الموصلي. ولإبراهيم فيه هذا الشعر والغناء:
ما سمعنا منه له من غناءٍ ... لأ شجاني وعاد لي وسواسي
ما أبالي إذا سمعت غناء ... لسياط ما فاتني الرواسي
غنني يا سياط قد ذهب اللي ... ل غناء يطير منه نعاسي
يعني عباس مولى بني رواس ابن كلاب والغناء.
في هذا البيت الأخير لسياط ولم يُعمَّر طويلاً. وغنى إبراهيم الموصلي صوتاً لسياط. فقال له ابنه: لمن هذا. فقال: هذا والله لمن لو عاش ما وجد أبوك الخبز. وكان في صوت إبراهيم انقطاع. وجدت لسياط أربعة وعشرين صوتاً منها:
وكأن من زهر الخزامي والندى ... والأقحوان عليه ريطة معرسِ
فإذا يريم ذبابة أصغى لها ... يوماً بسمعٍ خائفٍ متوجسِ
ثقيل الأول
[زيد الأنصاري]
مدني وهو الذي يقول فيه وفي أشعب عبد الله بن مصعب الزبيري:
إذا تمزمزت صُراحيّة ... كمثل ريح المسك أو أطيب
ثم تغنى لي بأهزاجه ... زيد أخو الأنصار أو أشعب
زيد أخو الأنصار ذاك الذي ... يعرفه مطرب من يطرب
حسبت أني ملكٌ جالس ... حفّت الأملاك والموكب
وما أبالي واله الهوى ... أشرّق العالم أم غرّبوا
وجدت له سبعة أصوات منها:
يا شبيه الغزال رد فؤادي ... وارث للعاشق الطويل السهاد
[أشعب أبو العلاء بي جبير]
مدني مولى لعبد الله بن الزبير وأمه حمدة مولاة لأسماء ابنة أبي بكر كانت تغري بين أزواج النبي عليه السلام وكانت بغت فحلقت وضربت وطيف بها على جمل تنادي من رآني فلا يزنين. فأشرفت عليها امرأة فقالت يا فاعله نهانا الله فلسنا ندعه وتريدين أن ندعه بقولك وأنت محلوقة مجلودة يطاف بك.
وكان أشعب نشأ في حجر عائشة بنت عثمان وكان مصعب بن الزبير قتل جبيراً لخروجه مع المختار أبي عبيد.
فقال أشعب: نشأت أنا وأبو الزياد في حجر عائشة بنت عثمان فلم يزل يعلوا وأسفُل حتى بلغنا هذه المنزلة وأسلمتني في البزّ. فسألتني بعد سنة: أين بلغت.
فقلت: قد تعلمت نصف العمل وبقي نصفه. قالت: وكيف. قلت: قد تعلّمت النشر وبقي الطي.
فخرج أشعب ظريفاً مندداً وكان من أطمع الناس. فقيل له: ما بلغ من طمعك. قال: أرى دخان جاري فأثرد أنا وما سارّ إنسان إنساناً إلا ظننته يهب لي شيئاً.
وقالت صديقة لي يوماً: يا أشعب هب لي خاتمك أذكرك به. قلت: اذكريني بالمنع.
وساوم بقوس بندق. فقال صاحبها: بدينار. فقال: والله لو كانت إذا رميت عنها طايراً خرّ مشوياً بين رغيفين حواري لم أشترها بدينار.
ثم نسك أشعب وعرى.
فقيل له: قد لقيت الفقهاء فلو تحدّثت. قال: نعم حدّثني عكرمة قال: خُلّتان لا تجتمعان في مؤمن، نسي عكرمة واحدة ونسيت الأخرى.
قال أشعب: كنت يوم قتل عثمان غلاماً أسقي الناس الماء وبقي إلى أن أتى به الربيع في خلافة المهدي. وجدت له أصواتاً منها:
ألا ناد جيراننا نقصد ... نقضّ اللبانة أو نعهد
كأن على كبدي جمرة ... حذاراً من البين ما تبرد
[محمد بن الأبجر]
وجدت له هذا الصوت:
وفي الحي من يهوى هوانا ويلتهي ... وآخر قد أبدا الكآبة مغضب
ونحن أناس عودنا عود نبعة ... إذا نسب الحيَّان بكر وتغلب
[محمد بن الصامة]
مدني ليثي. وكان بارد المجلس. فغنى في مجلس فيه محموم فقال المحموم: دعنا نعرق. وبعث رجل غلامه إلى السوق فقال: اشترِ لي خمسة أرطال ثلج. فلقي ابن الصامة فأدخله على مولاه.
فقال: طلبت خمسة أرطال وهذا حمل. وكان موسى بن الصامة والصامة أبوه وأمه فرعة مغنيان. وكان أهل المدينة يسمّونه بين دفتي المصحف. وجدت له في كتاب اسحق ودنانير ثلاثة أصوات منها:
قد تمنى معشر في دراهم ... من عقار وسوام وذهب
وتمنيت سليمى أنها ... بنت عمر من لها ميم العرب
خفيف ثقيل الأول للفضل بن عتبة.
[الطبقة الرابعة من المغنين]
ثم كانت الطبقة الرابعة.
صباح الخيَّاط
وجدت له ثمانية أصوات منها الصوت: