وحُكْمَهُمْ على الخامِل الساقطِ القدرِ الجاهل الدنيء بالموتِ، وتصييرَهُمْ إياه حين لم يكن ما يؤثَر عنه ويُعْرَف به، كأنه خارجٌ عن الوجود إلى العدم، أو كأنه لم يدخل في الوجود، ولطيفةٌ أخرى له في هذا المعنى، هي، إذا نظرتَ، أعجبُ، والتعجُّب بها أحقُّ ومنها أوجب، وذلك جعلُ الموت نفسِه حياةً مستأنفة حتى يقال: إنه بالموت استكمل الحياة في قولهم فلان عاش حين مات، يُراد الرجل تحمله الأبيّةُ وكرم النفس والأنَفَة من العار، على أن يسخو بنفسه في الجود والبأس، فيفعل ما فعل كعب بن مامة في الإيثار على نفسه، أو ما يفعله الشجاع المذكور من القتال دون حَرِيمه، والصبر في مواطن الإباء، والتصميم في قتال الأعداء، حتى يكون له يومٌ لا يزال يُذكَر، وحديثٌ يعاد على مَرِّ الدهور ويُشْهَر، كما قال ابن نباتة: